Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Al-Izz ibn Abd al-Salam d. 660 AH
58

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Editorial

مكتبة الكليات الأزهرية

Ubicación del editor

القاهرة

الضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى إزْهَاقِ رُوحِهِ وَدَفْعِ ضَرَرِهِ وَإِحْسَانِ قِتْلَتِهِ. [قَاعِدَةٌ فِي الْمُوَازَنَةِ بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ] ِ إذَا تَعَارَضَتْ الْمَصْلَحَتَانِ وَتَعَذَّرَ جَمْعُهُمَا فَإِنْ عُلِمَ رُجْحَانُ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ رُجْحَانٌ، فَإِنْ غَلَبَ التَّسَاوِي فَقَدْ يَظْهَرُ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ رُجْحَانُ إحْدَاهُمَا فَيُقَدِّمُهَا وَيَظُنُّ آخَرُ رُجْحَانَ مُقَابِلِهَا فَيُقَدِّمُهُ، فَإِنْ صَوَّبْنَا الْمُجْتَهِدَيْنِ فَقَدْ حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَصْلَحَةٌ لَمْ يُحَصِّلْهَا الْآخَرُ، وَإِنْ حَصَرْنَا الصَّوَابَ فِي أَحَدِهِمَا فَاَلَّذِي صَارَ إلَى الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ مُصِيبٌ لِلْحَقِّ وَاَلَّذِي صَارَ إلَى الْمَصْلَحَةِ الْمَرْجُوحَةِ مُخْطِئٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، إذَا بَذَلَ جُهْدَهُ فِي اجْتِهَادِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَعَارَضَتْ الْمَفْسَدَةُ وَالْمَصْلَحَةُ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ تُصَوِّبُونَ الْمُخْتَلِفَيْنِ، مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ أَصَابَ الْمَرْجُوحَ الَّذِي لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ لَمَّا جَازَ لَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ. قُلْنَا: تَرْكُ الرُّجْحَانِ رُخْصَةً عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ وَفِي الرُّخَصِ تُتْرَكُ الْمَصَالِحُ الرَّاجِحَةُ إلَى الْمَصَالِحِ الْمَرْجُوحَةِ لِلْعُذْرِ دَفْعًا لِلْمَشَاقِّ، وَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الِاسْتِدْرَاكِ لَأَدَّى إلَى مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ عَامَّةٍ بِخِلَافِ مَنْ أَخْطَأَ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ، وَالْأَقْيِسَةَ الْجَلِيَّةَ أَوْ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ، فَإِنَّ خَطَأَ ذَلِكَ لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا، فَمَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ فَيَجِبُ اسْتِدْرَاكُهُ لِنُدْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْعَ يَجْعَلُ الْمَصْلَحَةَ الْمَرْجُوحَةَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى الرَّاجِحَةِ أَوْ عِنْدَ مَشَقَّةِ الْوُصُولِ إلَى الرَّاجِحَةِ، بَدَلًا مِنْ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، كَمَا يُبَدَّلُ الْوُضُوءُ بِالتَّيَمُّمِ، وَالصِّيَامُ بِالْإِعْتَاقِ، وَالْإِطْعَامُ بِالصِّيَامِ، وَالْعِرْفَانُ بِالِاعْتِقَادِ فِي حَقِّ الْعَوَامّ، وَالْفَاتِحَةُ بِالْأَذْكَارِ، وَجِهَةُ السَّفَرِ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ بِالْقِبْلَةِ، وَجِهَةُ الْمُقَاتَلَةِ فِي الْجِهَادِ بِالْقِبْلَةِ.

1 / 60