206

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Editorial

مكتبة الكليات الأزهرية

Ubicación del editor

القاهرة

الْمِثَالُ الثَّانِي: دَفْعُ الْأَمْوَالِ مُرَدَّدٌ بَيْنَ أَنْ يُفْعَلَ هِبَةً أَوْ هَدِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً، وَبَيْنَ أَنْ يُفْعَلَ قُرْبَةً إلَى اللَّهِ كَالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ، فَلَمَّا تَرَدَّدَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ، وَجَبَ أَنْ تُمَيَّزَ النِّيَّةُ لِمَا يُفْعَلُ لِلَّهِ عَمَّا يُفْعَلُ لِغَيْرِ اللَّهِ.
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ تَارَةً يُفْعَلُ لِغَرَضِ الْإِمْسَاكِ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ وَتَارَةً يُفْعَلُ قُرْبَةً إلَى رَبِّ الْأَرَضِينَ وَالسَّمَوَاتِ، فَوَجَبَ فِيهِ النِّيَّةُ لِتَصْرِفَهُ عَنْ أَغْرَاضِ الْعِبَادِ إلَى التَّقَرُّبِ إلَى الْمَعْبُودِ.
الْمِثَالُ الرَّابِعُ: حُضُورُ الْمَسَاجِدِ قَدْ يَكُونُ لِلصَّلَوَاتِ أَوْ الرَّاحَاتِ أَوْ لِلْقُرْبَةِ بِالْحُضُورِ فِيهَا زِيَارَةً لِلرَّبِّ ﷾.
لِمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ هَذِهِ الْجِهَاتِ وَجَبَ أَنْ يُمَيِّزَ الْحُضُورَ فِي الْمَسْجِدِ زِيَارَةً لِرَبِّ الْأَرْبَابِ عَمَّا يُفْعَلُ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَغْرَاضِ.
الْمِثَالُ الْخَامِسُ: الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا لَمَّا كَانَ ذَبْحُ الذَّبَائِحِ فِي الْغَالِبِ لِغَيْرِ اللَّهِ مِنْ ضِيَافَةِ الضِّيفَانِ وَتَغْذِيَةِ الْأَبْدَانِ، وَنَادِرُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَفْعَلَ تَقَرُّبًا إلَى الْمَلِكِ الدَّيَّانِ شُرِطَتْ فِيهِ النِّيَّةُ تَمْيِيزًا لِذَبْحِ الْقُرْبَةِ عَنْ الذَّبْحِ لِلِاقْتِيَاتِ وَالضِّيَافَاتِ، لِأَنَّ تَطَهُّرَ الْحَيَوَانِ بِالذَّكَاةِ كَتَطْهِيرِ الْأَعْضَاءِ بِالْمِيَاهِ مِنْ الْأَحْدَاثِ، تَارَةً يَكُونُ لِلَّهِ وَتَارَةً يَكُونُ لِغَيْرِ اللَّهِ فَتُمَيِّزُهُ الطَّهَارَةُ الْوَاقِعَةُ لِلَّهِ عَنْ الطَّهَارَةِ الْوَاقِعَةِ لِغَيْرِهِ.
الْمِثَالُ السَّادِسُ: الْحَجُّ لَمَّا كَانَتْ أَفْعَالُهُ مُرَدَّدَةً بَيْنَ الْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ وَجَبَ فِيهِ النِّيَّةُ تَمْيِيزًا لِلْعِبَادَاتِ عَنْ الْعَادَاتِ.
وَأَمَّا مِثَالُ تَمْيِيزِ رُتَبِ الْعِبَادَاتِ فَكَالصَّلَاةِ تَنْقَسِمُ إلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ، وَالنَّفَلُ يَنْقَسِمُ إلَى رَاتِبٍ وَغَيْرِ رَاتِبٍ، وَالْفَرْضُ يَنْقَسِمُ إلَى مَنْذُورٍ وَغَيْرِ مَنْذُورٍ، وَغَيْرُ الْمَنْذُورِ يَنْقَسِمُ إلَى ظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَمَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ وَصُبْحٍ، وَإِلَى قَضَاءٍ وَأَدَاءٍ فَيَجِبُ فِي النَّفْلِ أَنْ يُمَيِّزَ الرَّاتِبَ عَنْ غَيْرِهِ بِالنِّيَّةِ وَكَذَلِكَ تُمَيَّزُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ عَنْ صَلَاةِ الْعِيدِ.
وَكَذَلِكَ فِي الْفَرْضِ تُمَيَّزُ الظُّهْرُ عَنْ الْعَصْرِ، وَالْمَنْذُورَةُ عَنْ الْمَفْرُوضَةِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ

1 / 208