Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Al-Izz ibn Abd al-Salam d. 660 AH
132

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Editorial

مكتبة الكليات الأزهرية

Ubicación del editor

القاهرة

الصَّلَاةِ. وَأَمَّا مَا يَقِفُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَعَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ، فَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ خَطَأٌ مُحَرَّمٌ لَوْ شَعَرَ بِهِ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي صَلَاةِ الْجُنُبِ فَفِي الثَّوَابِ عَلَيْهَا نَظَرٌ مَأْخَذُهُ النَّظَرُ فِي تَعَذُّرِ الْجِهَةِ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ ﵇: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ»، فَهَذِهِ كَانَ بِمَثَابَتِهِ؟ قُلْنَا: لَا يُثَابُ الْمُجْتَهِدُ عَلَى خَطَئِهِ وَإِنَّمَا ثَوَابُهُ عَلَى اجْتِهَادِهِ وَقَصْدِهِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا، وَإِذْ أَصَابَ الْمُجْتَهِدُ فَلَهُ أَجْرٌ عَلَى قَصْدِهِ وَأَجْرٌ عَلَى إصَابَتِهِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إذَا وَافَقَ الظَّاهِرُ الْبَاطِنَ فِي جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ فَعَلَ الْمُكَلَّفُ مَا هُوَ مَفْسَدَةٌ فِي ظَنِّهِ وَاعْتِقَادِهِ، وَلَيْسَ بِمَفْسَدَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَهَلْ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ عِقَابَ مَنْ عَصَى اللَّهَ بِتَحْقِيقِ الْمَفْسَدَةِ؟ فَالْجَوَابُ أَلَّا يُعَاقَبَ إلَّا عَلَى جُرْأَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ دُونَ تَحْقِيقِهِ الْمَفْسَدَةَ، لِأَنَّ الْأَوْزَارَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ صِغَرِ الْمَفَاسِدِ وَكِبَرِهَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمَفَاسِدَ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا، إذْ لَا تَعْظِيمَ فِيهَا لِلرَّبِّ وَلَا مَصْلَحَةَ فِيهَا لِعِبَادِهِ، بَلْ هِيَ ضَارَّةٌ لِلْعِبَادِ كَمَا ذَكَرْنَاهَا فِي رَجْمِ مَنْ لَا يَجُوزُ رَجْمُهُ، وَقَتْلِ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَأَخْذِ مَا لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ، وَتَسْلِيمِ مَنْ لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ؛ كَتَسْلِيمِ الْجَارِيَةِ وَالزَّوْجَةِ بِمَا بُعِثَ فِي الظَّاهِرِ مِنْ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ عَلَى خِلَافِ الْبَاطِنِ. [فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مِنْ الْأَفْعَالِ] ِ لَا يُثَابُ الْإِنْسَانُ وَلَا يُعَاقَبُ إلَّا عَلَى كَسْبِهِ وَإِكْسَابِهِ. وَلَا يَكُونُ إلَّا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ بِسَبَبٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: ١٦]، وَقَالَ: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩]، أَيْ لَيْسَ لَهُ إلَّا

1 / 134