132

Normas Jurídicas Islámicas

القواعد الفقهية : مفهومها، نشأتها، تطورها، دراسة مؤلفاتها، أدلتها، مهمتها، تطبيقاتها

Editorial

دار القلم

Géneros

وهكذا أخذ هذا العلم في الاتساع مع تعاقب الزمان دون انقطاع في القرن الحادي عشر وما بعده من قرون، ومن هنا يمكن القول بأن الطور الثاني وهوطور النمو والتدوين "للقواعد الفقهية" ، الذي بدأ على أيدي الإمامين الكرخي والدبوسي، أوشك أن يتم ويتنسق بتلك المحاولات المتتالية الرائعة على امتداد القرون.

بعد هذا الاستعراض الوجيز لما تم ونضج في المرحلة الثانية لا بد من الوقوف وقفة تأمل إزاء تلك الجهود العلمية البناءة، فيا ترى هل جرى وضع القواعد الموجودة في المؤلفات المستقلة على أيدي مصنفيها، أم أنها مرحلة تدوينية فحسب بعت جهودا سابقة في هذا المجال؟ فالذي يتبادر إلى الذهن وما يشهد له الواقع أن المدونين للقواعد اقتبسوها بصفة عامة من المصادر الفقهية الرئيسة الأصلية، كل من كتب مذهبه، كما نتلمح ذلك عند تقليب النظر في مصادر الفقه القديمة، حيث وردت القواعد فيها متناثرة في أماكن مختلفة . ولا يتنافى ذلك مع كون بعض المؤلفين الذين كانوا يتمتعون بملكة ورسوخ في الفقه مثل ابن الوكيل والسبكي والعلائي ربما تمكنوا من وضع بعض القواعد التي لم ترد في كتب السابقين كما بدو هذه الظاهرة من خلال المدونات الموجودة بين آيدينا، وأحيانا صاغوا بعض عبارات الأقدمين التي حملت سمة القواعد صياغة متقنة جديدة. لما أنعمت النظر في بعض المصادر الفقهية من المذاهب المختلفة، وجدت الفقهاء يتعرضون للقواعد عند تعليل الأحكام وترجيح الأقوال، مثل الكاساني وقاضيخان وجمال الدين الحصيري من الحنفية، والقرافي من المالكية، والجويني والنووي من الشافعية، وابن تيمية وابن القيم من الحنابلة . فتراهم يذكرون القواعد الفقهية ويقرنون بها الفروع والأحكام . وهذا أمر مهم وذوشأن في إطار هذا المبحث . ونقدم هنا تفصيل ذلك بذكر بعض الأمثلة والنماذج للقواعد من المصادر الفقهية مع اختيار الترتيب الزمني لا المذهبي .

في القرن الخامس الهجري وجدنا إمام الحرمين الجويني (478ه) - رحمه الله - شامة بين فقهاء المذهب الشافعي في هذا الباب حيث قام بتأصيل هذه القواعد في آخر كتابه "الغيائي"، فعقد فيه فصلا مستقلا محكما يتعلق

Página 140