ومن ضمن التأليف في علم الفقه، والتحصيل فيه، والتخصص به، نشأ علم
قواعد الفقه، وهو فن عظيم، تجمع فيه الأحكام الفرعية العديدة، والمسائل الجزئية المتناثرة في عبارات وجيزة، وجمل مصقولة، وتراكيب عامة وشاملة، تضبط علم الفقه، وتنسق أحكامه وعلله، وتقربه للأذهان، وتجعله سهل الحفظ والضبط، وتبعده عن النسيان، وتساعد في تكوين الملكة الفقهية، فكان الاعتناء بالقواعد الفقهية محل الإجلال والاحترام، بل والمنافسة في وجوه الخير، فصنفت فيه المؤلفات العدة في كل مذهب، وظهر مع مرور الأيام أهمية علم القواعد، والتأليف فيه، حتى تبوأ مرحلة التنظيم والتقنين، ثم تضافرت الجهود لإنشاء أعظم موسوعة للقواعد
باسم " مَعْلَمة القواعد الفقهية "، وتقرر تدريس القواعد الفقهية في الكليات
والدراسات العليا.
مشكلة البحث
إن وضع القواعد أولًا، والتأليف فيها ثانيًا، ودراستها وتدريسها ثالثًا، وشرحها ووضع الأمثلة والتطبيقات لها، والاستثناءات رابعًا، كانت تعتمد على المنهج المذهبى، وتقتصر على نطاق مذهب واحد، من المذاهب الفقهية العديدة، وكنا نجد الصعوبة والمتاعب عند التدريس والاعتماد على كتاب ومذهب، وتكثر الأسئلة والاستفسارات عن قواعد المذهب الآخر، وفروعه وأحكامه.
هدف البحث
أردت أن أجمع بين أهم قواعد المذهب الحنفي، وأهم قواعد المذهب المالكي، وأهم قواعد المذهب الشافعي، وأهم قواعد المذهب الحنبلي، في كتاب واحد، فعزمت على تصنيف هذا الكتاب، لأضع القاعدة الفقهية، وبيان أحكامها وفروعها من المذاهب الأربعة، بقدر الإمكان، وهي المذاهب التي يكز انتشارها في البلاد العربية، ويكثر اجتماعها في معظم المدن والأقطار، وتكثر فيها المؤلفات في القواعد.
وإن جمع التطبيقات من المذاهب يحقق منفعة مهمة للقاعدة، فيدل على عمومها
1 / 11