مقدمة
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وأتم لنا الدّين، وفتح أمامنا أبواب الهداية، وبصرنا طرق الاجتهاد، وإعمال العقل، وبذل الجهد، واعتبر ذلك عبادة وتفقهًا وذخرًا ليوم الدين.
والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمة للعالمين، البشير النذير، الهادي إلى الحق والصراط المستقيم، والباعث على التفكر والبحث وإعمال الذهن للوصول إلى اليقين.
ورضي الله عن الآل والأصحاب، ورحم الله العلماء والفقهاء والدعاة، وجزى الله الجميع خيرًا، وعوض المسلمين عنهم خيرًا على الدوام.
وبعد:
فإن القواعد الفقهية من أهم العلوم الإسلامية، وهي مرحلة متطورة للتأليف في الفقه، وضبط فروعه، وإحكام ضوابطه، وحصر جزئياته، ولها فوائد جمة، ومنافع كثيرة، سوف نتطرق إليها بمشيئة الله تعالى.
وقد وُجِدت البدور الأولى للقواعد الفقهية في القرآن والسنة، ثم اعتمد عليها ضمنيًا الصحابة والعلماء والفقهاء والأئمة عند الاجتهاد والاستنباط، دون أن تكون مدونة، ثم تفطن العلماء لجمعها، وتحريرها، في القرن الرابع الهجري، وبدأت تنتشر وتشيع في المؤلفات الخاصة، وفي ثنايا كتب الفقه عامة، وعلم الخلاف (الفقه المقارن) خاصة، ثم ظهرت فيها المؤلفات، والمجلدات في المذاهب الفقهية، وكثر التأليف فيها من القرن السابع إلى القرن العاشر، وتم تحرير القواعد، وصياغتها.
وجمعها مع فروعها في كتب خاصة، وسنذكر أهمها في التقديم التالي.
ثم تبلورت مشخصة ومقننة لأول مرة في مجلة الأحكام العدلية التي وضعت سنة
1 / 5