٣ - قواعد الأحكام، وهي القواعد التي صاغها العلماء، وبخاصة أتباع الأئمة ومجتهدو المذاهب، لجمع الأحكام المتماثلة، والمسائل المتناظرة، وبيان أوجه الشبه بينها، ثم ربطها في عقد منظوم، يجمع شتاتها، ويؤلف بين أجزائها، ويقيم صلة القربى في أطرافها، لتصبح عائلة واحدة، وأسرة متضامنة، وهي القواعد الكلية في الفقه الإسلامي، أو القواعد الفقهية.
يحدثنا الإمام القرافي عن وجود هذه القواعد فيقول:
"إن الشريعة المحمدية اشتملت على أصول وفروع، وأصولها قسمان:
أحدهما: المسمى بأصول الفقه، وهي في غالب أمره ليس فيها إلا قواعد
الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية، وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ
والترجيح، ونحو: الأمر للوجوب، والنهي للتحريم. . إلخ.
والقسم الثاني: قواعد كلية جليلة، كثيرة العدد، عظيمة المدد، مشتملة على أسرار الشرع وحِكَمه لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى، ولم يذكر منها شيء في أصول الفقه، وإن كان يشار إليها هناك على سبيل الإجمال، ويبقى تفصيله لم يتحصل. . ".
وهذه القواعد التي أشار إليها القرافي، وبيَّن نشأتها هي مناط البحث في هذه
الدراسة لتعريفها، وبيان فائدتها، وأهم كتبها، وعرض أنواعها وما يتفرع عنها.
ثانيًا، تعريف القواعد الفقهية
القواعد: جمع قاعدة، والقاعدة لغة: الأساس، ومنه قواعد البناء وأساسه.
قال الله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ) .
والقاعدة في الاصطلاح بمعنى الضابط، وهي الأمر الكلي المنطبق على جميع
1 / 21