وقال سبحانه فيما أذن به من قتل المعتدين من عباده، والساعين بالفساد في أرضه وبلاده، والمحاربين له تبارك وتعالى ولرسوله من خلقه، ولا محاربة له سبحانه ولا لرسوله ولا فساد أعظم من تعطيل حقه، والإعراض عن نهيه وأمره، وإقامة المتجبر على تجبره: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} [المائدة:33].
وقال سبحانه:{من أجل ذلك كتبنا على بني إسرآئيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} [المائدة:32]. فأحل سبحانه من قتل الأنفس بفسادها واعتدائها، مثل الذي أحل من القتل بالقصاص بينها في دمائها.
وقال أيضا سبحانه وتعالى، فيما جعل من القصاص بين القتلى:{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم...} [البقرة:178] الآية.
فهذه وجوه ما أحل الله به الدماء، وأوجب به على فعله البرآءة والبغضاء، وكل وجه - والحمد لله - من هذه الوجوه فغير صاحبه، لا ينكر وجها منها مرتاب وإن عظمت بليته في ارتيابه.
وقد قال غيرنا من مرتابي هذه العوآم الغوية، وأعوان المعتدين من ظلمة بني أمية: لا يحل قتل من قال لا إله إلا الله، وكابر ما بينا كله من ما حكم به الله.
Página 180