قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

Abd al-Muhsin al-Abbad d. Unknown
16

قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

Editorial

دار الفضيلة،الرياض

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢.

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

إلى الله ﷿ غير صحيح؛ فإنَّهم يُفوِّضون في الكيف، ولا يُفوِّضون في المعنى، كما جاء عن مالك ﵀، فقد سُئل عن كيفية الاستواء؟ فقال: "الاستواء معلومٌ، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
الفائدة الثانية: وَسَطيَّةُ أهل السنة والجماعة في العقيدة بين فرق الضلال أمَّةُ نبيِّنا محمد ﷺ وَسَطٌ بين الأمم؛ فإنَّ اليهودَ والنصارى متضادُّون، فاليهود جَفَوا في الأنبياء حتى قتلوا من قتلوا منهم، والنصارى غَلَوا في عيسى ﵊، فجعلوه إلَهًا مع الله، وهذا من أمثلة تضادِّهم في الاعتقاد، ومن أمثلة تقابلهم في الأحكام أنَّ اليهودَ لا يُؤاكلون الحائضَ ولا يُجالسونها، والنصارى بضدِّهم؛ فإنَّهم يُجامعونها. وكما أنَّ هذه الأمَّة وسَطٌ بين الأمم، فإنَّ أهل السنَّة والجماعة وسَطٌ بين فرق هذه الأمة، فهم: أوَّلا: وسَطٌ في صفات الله بين المعطِّلة والمشبِّهة؛ فإنَّ المشبِّهةَ أثبتوا، ولكنَّهم شبَّهوا ومثَّلوا، وقالوا: لله يدٌ كأيدينا، ووجه كوجوهنا، وهكذا، تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا. وأمَّا المعطِّلة، فإنَّهم تصوَّروا أنَّ الإثباتَ يستلزم التشبيهَ؛ ففرُّوا من الإثبات إلى التعطيل؛ تنْزيهًا لله عن مشابهة المخلوقين بزعمهم، لكن آل أمرُهم إلى أن وقعوا في تشبيه أسوأ، وهو التشبيه بالمعدومات؛ فإنَّه لا يُتصوَّرُ وجود ذات مجرَّدة من جميع الصفات.

1 / 20