فتدخلت زبيدة بينهما قائلة: كالعهد بك، جمل ولا كل الجمال، شعرة بيضاء تلمع تحت طربوشك ولا شيء خلاف ذلك.
فقالت لها جليلة محتجة: دعيني أجب أنا؛ لأن سؤاله كان لي، (ثم مخاطبة السيد): أراك كما كنت، لا غرابة في ذلك، ما «نحن» إلا أبناء الأمس القريب.
فطن السيد إلى ما رمت إليه، فقال متكلفا الجد والصدق: أما أنتما فقد ازددتما حسنا ورواء، لم أكن أنتظر هذا كله.
زبيدة وهي تتفحصه باهتمام: ما الذي غيبك عنا ذلك العمر كله؟ (ثم ضاحكة) كان بوسعك، لو كان فيك خير، أن تلقانا لقاء بريئا، ألا يكون لقاء بيننا إلا إذا كان الفراش تحتنا؟
قال السيد إبراهيم الفار، وهو يرعش ذراعه في الهواء ليحسر كم القفطان عنه: لا علم له ولا لنا بأن ثمة لقاء بريئا يمكن أن يجمع بيننا وبينكن!
زبيدة متأففة: أعوذ بالله منكم يا رجال، لا تودون المرأة إلا مطية.
فقهقهت جليلة قائلة: يا ست أمك، احمدي ربنا على ذلك، أكنت تكتنزين هذا الشحم كله لو لم تضمري في نفسك أن تكوني مطية أو حشية؟
فقالت لها زبيدة معاتبة: خلى بيني وبين المتهم كي أحقق معه.
قال السيد أحمد باسما: كنت محكوما علي بخمس سنوات بريئة بدون شغل.
فعادت زبيدة تهاجمه قائلة في تهكم: يا ولداه! حرمت على نفسك اللذات كلها، كلها يا ولداه، حتى لم يبق لك منها إلا الطعام والخمر، والطرب والمزاح، والسهر حتى مطلع الفجر كل ليلة.
Página desconocida