192

Palacio del deseo

قصر الشوق

Géneros

حدجه الرجل بنظرة براقة متحفزة. أهذا ما يدعونه بالعلم الآن؟ ألا لعنة الله على العلم والعلماء! - ماذا تقول في هذه النظرية؟ لقد لفتت نظري عبارات غريبة تقول: إن الإنسان سلالة حيوانية، أو شيئا من هذا القبيل، أحق هذا؟

بالأمس ناضل نفسه وعقيدته وربه نضالا عنيفا أعيا روحه وجسده، واليوم عليه أن يناضل أباه، غير أنه كان في الجولة الأولى معذبا محموما ... أما في هذه الجولة فهو خائف مرتعب، إن الله قد يؤجل عقابه، أما أبوه فشيمته التعجيل بالعقاب. - هذا ما تقرره هذه النظرية.

علا صوت السيد وهو يتساءل في انزعاج: وآدم أبو البشر الذي خلقه الله من طين ونفخ فيه من روحه، ماذا تقول عنه هذه النظرية العلمية؟

طالما طرح هذا السؤال على نفسه، لم يكن دون أبيه انزعاجا، ولم يغمض له عين ليلتها حتى الصباح، وتقلب في الفراش متسائلا عن آدم والخالق والقرآن، وقال لنفسه مرة وعشرا: القرآن إما أن يكون حقا كله أو لا يكون قرآنا، إنك تحمل علي لأنك لم تدر بعذابي، لو لم أكن قد اعتدت العذاب وألفته لأدركني الموت تلك الليلة. قال بصوت خافت: دارون صاحب هذه النظرية لم يتكلم عن «سيدنا» آدم.

هتف الرجل غاضبا: لقد كفر دارون ووقع في حبائل الشيطان، إذا كان أصل الإنسان قردا أو أي حيوان آخر. فلم يكن آدم أبا للبشر. هذا هو الكفر عينه، هذا هو الاجتراء الوقح على مقام الله وجلاله! إني أعرف أقباطا ويهودا في الصاغة وكلهم يؤمنون بآدم، كل الأديان تؤمن بآدم، فمن أي ملة دارون هذا؟ إنه كافر وكلامه كفر، ونقل كلامه استهتار، خبرني أهو من أساتذتك في المدرسة؟

ما أدعى هذا إلى الضحك لو كان في القلب فراغ للضحك، لكنه قلب أفعمته الآلام، ألم الحب الخائب، وألم الشك، وألم العقيدة المحتضرة، إن الموقف الرهيب بين الدين والعلم أحرقك، ولكن كيف يسع عاقل أن يتنكر للعلم؟ قال بصوت متواضع: دارون عالم إنجليزي مات منذ زمن بعيد.

وهنا ند عن الأم صوت يقول بتهدج: لعنة الله على الإنجليز أجمعين.

فالتفتا نحوها التفاتة قصيرة، فوجداها قد تركت الثياب والإبرة وتابعت الحديث، ولكن سرعان ما انصرفا عنها، وعاد الأب يقول: خبرني، هل تدرسون هذه النظرية في المدرسة؟

التقف حبل النجاة الذي تدلى إليه فجأة، فقال لائذا بالكذب: نعم.

أمر غريب! وهل تدرس هذه النظرية فيما بعد لتلاميذك؟ - كلا، سأكون مدرس آداب لا علاقة لها بالنظريات العلمية.

Página desconocida