فقال الرجل بحرج: أنا لا يمكن أن أمس ذلك الجانب من حياتهم. - أفهمك جيدا، ولن أطالبك إذا اجتمعوا عندك إلا بأن تدعو لهم بالنجاة من شر الزمان.
فقال الرجل بارتياح عابر: هذا ما أفعله دائما. - ولكنني سأبثك قوة من عند الله قادرة على تحويل الصخر إلى ماء عذب.
وتناولت راحته بين يدي وضغطت عليها طويلا.
وسأله السيد في صمت من اهتمام التابعين: ولم لم تقصد الأبناء مباشرة؟
فقال التابع بزهو: اصطدت أربعة برمية واحدة!
فقهقه السيد قهقهة تطاير منها الشرر، وقال: أحسنت.
وواصل التابع حديثه في ارتياح وطمأنينة: وتابعته من موقعي يا مولاي، لم يحلم العجوز الطيب بما لدعائه الجديد من أثر، ولا خطرت بباله العواقب المتوقعة، لم يدر أنه أصبح أبا لأربعة من التائبين المستغفرين، ولكنه شعر بمعاملة أخرى قوضت حصن سلامه السعيد، عجز الأبناء عن مواصلة البر به، تلقى أعذارا وتأوهات كثيرة ونقودا قليلة، لا تغني ولا تجدي، ودب الشقاق في بيوت الأبناء فشمل الزوجات والأبناء، أما العجوز فانقلبت حياته عناء متصلا حتي ضاق بزوجته، كما ضاقت به، ووجدت في ذلك الكرب ما عزاني بعض الشيء لممارسة خير لم أخلق لممارسته، وسوف نجد في ذلك المناخ المتوتر المشحون بالقنوط ما ينفعنا عندما نرتد إلى أداء رسالتنا الأصلية!
فهتف السيد: جميل .. جميل .. جميل.
وتقدم تابع ثان فقال: أما أنا فتبعت السيدة الجميلة حتى استقرت في الشقة المفروشة، استعدت تنتظر صاحب الحظ، فرأتني أمامها في زي عظيم من رجال الشرطة، فزعت فزعا شديدا، حتي جحظت عيناها، استحلفتني بأولادي أن أستر عرضها رحمة بأسرتها .. وتظاهرت بالتأثر وقلت لها: في وسعي أن أسوقك إلى القسم لتنالي جزاءك، ولتعترفي هناك بالدور الخسيس الذي يلعبه الوغد زوجك.
فاشتعلت حرارتها في توسلات دامعة حتى خفت عليها الموت، وعندها دعوتها للتوبة، وتقويم المعوج من سلوكها، ثم غادرت الشقة وهي لا تصدق، ما حدث بعد ذلك لم أتوقعه؛ فقد تمردت على زوجها ورمته بما يستحقه، فنشب بينهما نزاع عنيف، وانساق الرجل مع غضبه، فانهال عليها ضربا وركلا حتى فارقت الحياة.
Página desconocida