Canal de Suez
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Géneros
ووافقت الدولتان على الإعلان الآتي وهو: من حيث إن الدول الكبرى متفقة على الاعتراف بضرورة المفاوضة؛ لوضع نظام نهائي لضمان حرية استخدام كل الدول لقناة السويس في كل الأوقات، فقد اتفقت الحكومات السبع على تكوين لجنة مكونة من مندوبين تعينهم الحكومات ويجتمعون في باريس في 10 مارس، على أن يتخذوا أساسا لمفاوضتهم منشور لورد جرانفل المؤرخ 3 يناير سنة 1883.
ولقد اتخذت الدول السبع الكبرى إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا والنمسا والمجر تصريح لورد جرانفل أساسا لاتفاقية وقعها مندوبو هذه الدول ومعهم مندوب تركيا في مارس سنة 1885 لعقد مؤتمر مبدئي في باريس يتكون من ممثلي هذه الدول ومعهم مندوب من لدن خديو مصر، «وانضم إليهم بعد ذلك مندوبو بعض الدول الأخرى مثل إسبانيا وهولندا» لوضع أساس اتفاقية دولية بشأن قناة السويس، هذه الاتفاقية تدرسها الحكومات فيما بعد، وتعدل فيها إذا أرادت، أو وجدت ذلك التعديل ضروريا باتفاقها جميعا فيما بينها.
ولقد جعلت إنجلترا هذه الاتفاقية المبدئية الخاصة بالقناة أساسا للنص الخاص بالقناة في اتفاقية سير هنري درمندولف مع الباب العالي في سنة 1887، الخاصة بجلاء الإنجليز عن مصر بشروط معينة ورجوعهم إليها إذا قام خطر داخلي أو خارجي يهدد سلام مصر وأمنها، وعلى أي حال لم تصل هذه الاتفاقية الأخيرة إلى نتيجة؛ لأن السلطان رفض التصديق عليها.
ولقد اجتمعت اللجنة في 30 مارس سنة 1885 ومثل إنجلترا سير جوليان بونسفوت وسير ريفرز ولسن، وافتتح اجتماع اللجنة الوزير الفرنسي جيل فري الذي أعلن أن قناة السويس فكرة عبقرية «وأنها قبل كل شيء عالمية وأوربية وإنسانية»، وأنه لتأكيد هذه الفكرة الدولية للقناة ستفتتح هذه اللجنة أعمالها، وظهر في مناقشات هذه اللجنة النزاع الشديد بين فرنسا وإنجلترا، واستغرقت أعمال اللجنة ست عشرة جلسة، وبعد أن انتهت اللجنة من مناقشاتها، تقاعدت إنجلترا عن السير في إنهاء الموضوع، فاضطرت فرنسا إلى تهديد إنجلترا بأنها لن تسمح أبدا بسيطرة الإنجليز على مصر والقناة.
واضطرت وزارة سولسبري إلى متابعة السير في المشروع وأبدت كثيرا من الاعتراضات، ولكن الدولتين وصلتا في آخر الأمر إلى توحيد وجهات النظر، وأرسلتا في 25 يونيو سنة 1885 بمشروعهما للدول الأخرى ولتركيا للتصديق عليه.
ويلاحظ في الاتفاقية النهائية الخاصة بالقناة أن إنجلترا نفذت فكرتها فيما يختص بحرية المرور، فكان أول شيء اتفق عليه مندوبو الدول جميعا، وهو حرية المرور في القناة لسفن جميع الدول التجارية والحربية وقتي السلم والحرب، كذلك أكدت إنجلترا حقوق الحكومة المصرية في الدفاع عن القناة؛ فهي جزء من الأراضي المصرية.
أكدت إنجلترا حقوق الحكومة المصرية لما وجدت من محاولات مندوب الدولة العثمانية تسجيل حقوق العثمانيين ونفوذ السلطان العثماني.
وبالرغم من أن هذه الاتفاقية قد قررت مبدأ المساواة بين الدول وأكدته، كما أقرت عدم انفراد أية دولة بنفوذ متفوق في منطقة القناة، إلا أن إنجلترا بحكم احتلالها العسكري للبلاد ومركزها الممتاز فيها، قد أصبح لها بالفعل من الناحية العملية نفوذ متفوق في القناة.
فإصرار إنجلترا على أن يوكل أمر تنفيذ الاتفاقية إلى الحكومة المصرية قد جعل بطريقة غير مباشرة أمر تنفيذها إلى الحكومة الإنجليزية، فالباب العالي لم تكن له سلطة فعلية، فلن تلتجئ إليه الحكومة المصرية، وإذا لم تلتجئ إليه الحكومة المصرية فلن يلتجئ هو بدوره إلى الدول؛ لأن إنجلترا لن تلجئ الحكومة المصرية إلى مثل هذا الموقف أبدا.
وكذلك في حالة الدفاع عن مصر - كما سنرى من نصوص هذه الاتفاقية - استثنيت الحكومة المصرية من بعض شروط هذه الاتفاقية، فلها وحدها الحق في وضع الجيوش والسفن الحربية في منطقة القناة، ولها وحدها حق تفتيش السفن المشتبه فيها، ولما كانت الحكومة الإنجليزية تشرف بالفعل على الحكومة المصرية وعلى الجيش المصري معا، فهي التي قامت بتحديد عدد الجيش وعينت ضباطه وقواده من الإنجليز، كانت هي التي تتمتع بهذا الحق من الناحية العملية، طالما ظل نظام الاحتلال موجودا.
Página desconocida