من رسم خدك لثما
فأعجب لحب غريب
رسم يغازل رسما
لا نكران أن شعر الصافي مرآة روحة، وهي بعكس وجهه على شيء كثير من الحسن، ومن النبل والحنان. وهي كذلك روح ساذجة، غبار البادية لا يزال عليها. فهو بدوي في صراحته المشجية، وفي نبراته التي تتخللها العبرات والقهقهات، وفي شدوه المشبح بأنين الربابة، وحنين الساقية.
لهذا الشاعر في وصف حاله وأشجانه مزية شريفة عالية، هي الصدق والصراحة. فهو لا يتستر بشيء، ولا يأنف أن يربك كوخه وسراجه، وحتى فراشه وغطاه. ولا يهمه أن ترى - اللهم بعين الرضى والاحترام - خرقا في ردائه، أو فتقا في عبائه. أحمد الصافي يتغنى بكل ما هو أحمد الصافي، ومما اختاره هو لنفسه، ومما فرضته عليه الأقدار، فيطربك ويشجيك. وإن أسلوبه في الوصف سهل قويم بليغ، يلزم الحقيقة فيه، ويزينها بالمعاني الجديدة، مثال ذلك قصيدته «الوحدة» التي تبدأ بقوله:
إن رمت تاريخ حزني
سل مفرشي وغطائي
أو الأبيات الأخيرة من القصيدة التي يصف فيها غرفته:
أغرفة للمنام هذي
أم هي منفى له نفيت
Página desconocida