فسأله الإخشيدي بصوت لم يفقد أية رنة من رنات الرياسة: أية إشاعات؟ - سقوط الوزارة. ماذا وراء الأكمة؟
فابتسم الإخشيدي وقال: وراء الأكمة ما وراءها! - هل حقا يمكن أن يزول هذا العهد؟
فقال الإخشيدي وقد تملكته رغبة عابثة في تعذيبه: كل شيء زائل.
فملأه بروده حنقا وغيظا حتى اضطر إلى مداراتهما بالابتسام، وقال: سعادتك تعلم أشياء وأشياء بلا ريب ...
وأبت عليه نفسه أن يقول إنه لا يعلم شيئا، فابتسم ابتسامة غامضة وقال بثقة: انتظر، إن غدا لناظره قريب ... - أما من كلمة مطمئنة؟
وعاودته الرغبة في تعذيبه، فسأله متجاهلا: ماذا يخيفك؟
فاتسعت عينا الشاب الجاحظتان دهشة، ورفع حاجبيه، ثم قال: ما أجمل أسوان في أغسطس!
فهز الإخشيدي كتفيه استهانة وقال: كل مكان ينبت العز طيب. - الإشاعات صادقة إذن ...
فصمت الإخشيدي لحظة منقبا عن إجابة لا تكشف جهله غدا أو بعد غد، ثم قال: لا يعلم أحد حتى هذه اللحظة، أما بعد ذلك فالسياسة مجنونة ...
وعاد إلى حجرته مغيظا محنقا يقول لنفسه: «ابن الست أم سالم يريد أن يوهمني بأنه سياسي داهية. تبا له!»
Página desconocida