حينها ظهر عليها شعور مفاجئ بالتقدير؛ شيء أشبه بخيال ابتسامة. وانتاب روبرت شعور غريب بأنها أعجبت به فجأة؛ لكن إن كان الأمر هكذا فهي لم تبد أي اعتراف صريح بذلك. فقالت بصوتها الحاد: «أجل، أتوقع أن وسائل الترفيه في ميلفورد نادرة وبسيطة. ابنتي تسير وراء كرة من المطاط حول ملعب الجولف ...»
قاطعتها الابنة قائلة: «لم تعد مطاطا يا أمي.» «لكن في مثل سني لا توفر ميلفورد حتى ذلك النوع من الترفيه. أكتفي بأن أسكب مبيدا على الأعشاب الضارة - شكل قانوني من السادية يعادل إغراق البراغيث. هل تغرق البراغيث لديك، يا سيد بلير؟» «لا، بل أسحقها. لكن لي أخت اعتادت على مطاردتها بقالب صابون.»
قالت السيدة شارب، باهتمام حقيقي: «صابون؟» «أظن أنها تصفعها بالجانب الناعم فتلتصق بها.» «يا له من شيء مثير! أسلوب لم أره من قبل. لا بد أن أجربه في المرة التالية.»
بأذنه الأخرى سمع أن ماريون كانت تتعامل بلطف مع المحقق المنبوذ. كانت تقول: «أنت تؤدي دورا رائعا للغاية، أيها المحقق.»
كان مدركا لشعور يأتيك عند اقتراب نهاية حلم، عندما يصبح الاستيقاظ قريبا، وأن لا شيء من الأحداث اللامنطقية يعنيك في شيء؛ لأنك ستعود إلى العالم الواقعي بعد قليل.
كان هذا مضللا؛ إذ إن العالم الواقعي أقبل من الباب مع عودة المحقق جرانت. وقد دخل جرانت أولا، حتى يصبح في وضع يمكنه من ملاحظة تعبيرات وجوه جميع الأطراف المعنية، وأبقى الباب مفتوحا حتى تدخل الشرطية والفتاة.
نهضت ماريون شارب ببطء، وكأن من الأفضل أن تواجه أي شيء ربما سيقبل عليها، لكن والدتها ظلت جالسة على الأريكة وكأنها شخص يعير أذنا واعية، وجلست جلسة مثل تلك التي تنتمي للعصر الفيكتوري مع ظهر مستو كما كانت وهي فتاة صغيرة، ويداها مسترخيتان بثبات في حجرها. حتى شعرها غير المصفف لم يستطع أن ينتقص من انطباع أنها سيدة الموقف.
كانت الفتاة ترتدي معطفها المدرسي، وحذاء مدرسيا أسود له كعب سميك قصير ذا طابع طفولي؛ ولذلك بدت أصغر سنا مما سبق أن توقعه بلير. لم تكن فارعة الطول، ولا جميلة بكل تأكيد. لكن كان لها - ما الكلمة المناسبة التي تعبر عنها؟ - طلة جذابة. كان لعينيها لون أزرق داكن، وتبدوان متباعدتين في وجه من النوع الذي تنتشر الإشارة إليه بأنه وجه له شكل القلب. تلون شعرها بلون بني فاتح، وكان ينتشر على جبهتها في خط بديع. أدنى كل عظمة من عظام الوجنتين تجويف طفيف، آية على طابع الحسن، أضفى على وجهها جاذبية وإحساسا بالتعاطف. كانت شفتها السفلية ممتلئة، لكن ثغرها منمنم. وكذلك كانت أذناها. فهما صغيرتان للغاية وأقرب ما تكونان إلى رأسها.
رغم كل ذلك، فهي نوع مألوف من الفتيات. ليس من النوع الذي قد يجذب انتباهك وسط جمع من الناس. وليست مطلقا واحدة من الفتيات المثيرات. فتساءل روبرت كيف ستصير هيئتها في ثياب أخرى.
وقعت نظرة الفتاة أولا على السيدة العجوز، ثم انتقلت ببصرها إلى ماريون. لم تكن نظرتها تحمل شعورا بالمفاجأة ولا بالانتصار، ولم تعكس كثيرا من الاهتمام.
Página desconocida