من التحاكم إلى أهل الحق واخذ الحق بحكمهم أو انه في مقام الاختيار والتمكن من الرجوع إلى أهل الحق واما إذا توقف اخذ الحق بالتحاكم إليهم فلا بأس به كما يجوز الاستعانة بهم على تحصيل الحق المتوقف على ذلك في سائر الموارد وجهان أوجههما كما هو المعروف المشهور بينهم الثاني لقاعدة نفي الضرر والضرار في الشريعة وهي حاكمة على جميع ما دل من الأصول والأدلة على عدم الجواز عموما أو اطلاقا مضافا إلى استظهار القيد (التقييد خ) المذكور من جملة من النصوص مثل قول أبي عبد الله (عليه السلام) في خبر أبي بصير أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى الا ان يرافعه إلى هؤلاء كان منزلة الذين قال الله عز وجل ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به الخبر ومثل خبر علي بن محمد قال سئلته هل نأخذ في احكام المخالفين ما يأخذون منا في احكامهم فكتب يجوز لكم ذلك انشاء الله إذا كان مذهبكم (هذا منكم خ) فيه التقية منهم والمداراة لهم بناء على ما في الوافي من أن المراد هل يجوز لنا ان نأخذ حقوقنا منهم بحكم قضاتهم يعني إذا اضطروا إليه كما إذا قدمه الخصم إليهم ومثل خبر ابن فضال قال قرأت في كتاب أبي الأسد إلى أبي الحسن الثاني (عليه السلام) وقرأه بخطه سئلته ما تفسير قوله ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام فكتب بخطه (عليه السلام) الحكام القضاة قال ثم كتب (عليه السلام) تحته هو ان يعلم الرجل انه ظالم فيحكم له القاضي فهو غير معذور في اخذ ذلك الذي حكم به إذا كان قد علم أنه ظالم هذا.
وقد استشكل في الكفاية في ذلك بل مال إلى الحكم بالحرمة مطلقا نظرا إلى ما دل على حرمة المعاونة على الاثم حيث قال بعد نقل كلام الشهيد في مسالك الأفهام الموافق لما ذكرنا ما هذا لفظه وفيه اشكال لان حكم الجاير بينهما فعل محرم والترافع إليه يقتضي ذلك فيكون إعانة على الاثم وهي منهي عنها انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه - وفيه أولا المنع عن كونه إعانة بعد كون القصد هو تحصيل الحق كما لا يخفى وثانيا نسلم كونه إعانة لكن نمنع من حرمته لما قد عرفت من قيام الدليل على جواز التحاكم إليهم في تلك الصورة فما دل على حرمة الإعانة على المحرم ليس بأقوى مما دل على حرمة التحاكم إلى الطاغوت من الآيات والاخبار بل هو أقوى منه فإذا رفعنا اليد عن تلك الأدلة من جهة حكومة قاعدة لا ضرر فالأدلة الدالة على حرمة المعاونة على الاثم أولي برفع اليد عنها كما لا يخفى.
ثم إن لبعض السادة الفحول هنا كلما لا يخلو ايراده عن فائدة وهو أنه قال بعد نقله الاستشكال المتقدم من الكفاية ورده ببعض ما سمعته وانما جعلت أدلة نفي الحرج مخصصة للأدلة المانعة بنوعيها مع كون التعارض بينهما تعارض العموم من وجه فيحتمل العكس لأوفقيتها بأصالة البراءة التي هي حجة مستقلة لو فرض تساقط الأدلة بعد تعارضها من كل جهة انتهى كلامه طاب ثراه وفي كلامه انظار يقف عليها المتأمل فيما ذكرنا سابقا إما أولا فلانه لا معنى لملاحظة التعارض بين قاعدة نفي الضرر والعمومات المثبتة للتكليف بعد كونها حاكمة عليها ومبينة لهما حسبما عرفته واما ثانيا فلانه لا معنى للترجيح المذكور في كلامه بعد فرض كون النسبة العموم من وجه من وجهين أحدهما عدم قابلية أصالة البراءة لترجيح بعض الأدلة على بعض حسبما فصلنا القول فيه في باب التراجيح بل الحق كونها مرجعا بعد التساوي والتساقط ثانيهما تسليم ذلك لكن لا دليل على الترجيح المذكور في العامين من وجه واما ثالثا فللمنع من كون الأصل هي البراءة مطلقا بل انما هو فيما إذا رضي المنكر بالرجوع إلى حكام الجور مضافا إلى أنه لو سلم كون الأصل بالنظر إلى الحكم التكليفي هي البراءة مطلقا لكنه لا
Página 21