منه، فإن ذلك يوجب كراهة الحاسد لأن يكافئه المحسود، أو يتفضل عليه.
وكذلك الفسوق كالقتل والزنا وسائر القبائح إنما سببها حاجة النفس إلى الاشتفاء بالقتل والالتذاذ بالزنا، وإلا فمن حصل غرضه بلا قتل أو نال اللذة بلا زنا لا يفعل ذلك، والحاجة مصدرها العدم، وهذا يبين إذا تدبره الإنسان أن الشر الموجود إذا أضيف إلى عدم أو وجود فلابد أن يكون وجودًا ناقصًا، فتارة يضاف إلى عدم كمال السبب أو فوات الشرط، وتارة يضاف إلى وجود، ويعبر عنه تارة بالسبب الناقص والمحل الناقص، وسبب ذلك إما عدم شرط أو وجود مانع، والمانع لا يكون مانعًا إلا لضعف المقتضى، وكل ما ذكرته واضح بين، إلا هذا الموضع ففيه غموض يتبين عند التأمل وله طرفان:
أحدهما: أن الموجود لا يكون سببه عدمًا محضًا.
والثانى: أن الموجود لا يكون سببًا للعدم المحض، وهذا معلوم بالبديهة أن الكائنات الموجودة لا تصدر إلا عن حق موجود.
ولهذا كان معلومًا بالفطرة أنه لابد لكل مصنوع من صانع، كما قال تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ [الطور: ٣٥]، يقول: أخلقوا من غير خالق خلقهم، أم هم خلقوا أنفسهم؟
ومن المتكلمين من استدل على هذا المطلوب بالقياس، وضرب
1 / 80