فصل الإنسان وجميع المخلوقات عبيد الله
...
فصل
وذلك أن الإنسان، بل وجميع المخلوقات، عباد لله تعالى، فقراء إليه، مماليك له، وهو ربهم ومليكهم وإلههم، لا إله إلا هو، فالمخلوق ليس له من نفسه شىء أصلًا، بل نفسه وصفاته وأفعاله وما ينتفع به أو يستحقه وغير ذلك إنما هو من خلق الله، والله ﷿ رب ذلك كله ومليكه، وبارئه وخالقه ومصوره.
وإذا قلنا: ليس له من نفسه إلا العدم، فالعدم ليس هو شيئا يفتقر إلى فاعل موجود، بل العدم ليس بشىء، وبقاؤه مشروط بعدم فعل الفاعل، لا أن عدم الفاعل يوجبه ويقتضيه كما يوجب الفاعل المفعول الموجود، بل قد يضاف عدم المعلول إلى عدم العلة، وبينهما فرق، وذلك أن المفعول الموجود إنما خلقه وأبدعه الفاعل، وليس المعدوم أبدعه عدم الفاعل، فإنه يفضى إلى التسلسل والدور؛ ولأنه ليس اقتضاء أحد العدمين للآخر بأولى من العكس؛ فإنه ليس أحد العدمين مميزًا لحقيقة استوجب بها أن يكون فاعلًا، وإن كان يعقل أن
1 / 70