لم يصح عنده ويعقبه بتفسير الصحيح.
وأما حديث أنَس في خروجهم بعد انقضاء الصلاة إلى بني عمرو بن عوف وقباء فيجدونهم يصلون العصر (١)، فإنما قصد به بيان تفاوت الناس في تقديم الصلاة وتأخيرها حسب أَعمالهم وأَشغالهم لتوسعة الباري، ﵎، عليهم.
وقد اخْتُلِف في الشغل والصلاة إذا تعارضا مع الوقت، فقال أحبارهم (٢) من فقه الرجل أن يبدأ بشغله قبل صلاته حتى يقيمها بقلب فارغ لها وإلى هذا وقعت الإشارة
_________
= للصلاة أولًا وآخرًا فذكر نحو حديث محمَّد بن فضيل عن الأعمش نحوه بمعناه. سنن التِّرمذي ١/ ٢٨٣ - ٢٨٤.
ورواية محمَّد بن فضيل رواها أحمد عنه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة المسند رقم ٧١٧٢، والبيهقي في السنن الكبرى ١/ ٣٧٥ - ٣٧٦، وبن حزم في المحلَّى ٣/ ١٦٨.
قال الشيخ أحمد شاكر، معقبًا علي كلام التِّرمذي: أراد التِّرمذي برواية أثر مُجاهد أن يذكر إسناده ليدلَّ على الرواية التي رآها البُخاري صوابًا، وهي أنَّ هذا الحديث موقوف من كلام مُجاهد، وكذلك فعل البيهقي، ونقل ابن أبي حاتم في العلل ١/ ١٥١ عن أبيه أنه قال: هذا خطأ وهم فيه ابن فضيل يرويه عن أصحاب الأعمش عن الأعمش عن مجاهد. وهذا التعليل منهم خطأ لأن محمَّد بن فُضَيل ثقة حافظ. قال ابن المديني: كان ثقة ثبتًا في الحديث ولم يطعن فيه أحمد إلا برميه بالتشيع وليست هذه التهمة مما يؤثر في حفظه، وقد رد ابن حزم هذا التعليل وقال ما يضر إسناد من أسند إيقاف من أوقف، ثم قال: والذي اختاره أن الرواية المرسلة أو الموقوفة تؤيد الرواية المتصلة المرفوعة ولا تكون تعليلًا لها. تعليق أحمد شاكر على الترمذي ١/ ٢٨٥ وانظر المسند رقم ٧١٧٢ جـ ١٢/ ١٦١.
(١) الموطّأ ١/ ٨ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أَنَس بن مَالِك أنه قال: كنا نصلّي العصر ثم يخرج الإِنسان على بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلون العصر. وأخرجه البُخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب وقت العصر ١/ ١٤٤ ومسلم في كتاب المساجد باب استحباب التبكير بالعصر ١/ ٤٣٤.
قال ابن عبد البر هذا يدخل في المسند وهو الأغلب من أمره، وكذلك رواه جماعة الرواة للموطّأ عن مالك، ورواه عبد الله بن المبارك عن مالك عن إسحاق عن أنَس فذكره مسندًا التمهيد ١/ ٢٩٥، وانظر سنن النّسائي ١/ ٢٥٢.
وقال الحافظ: إخراج المصنف (أي البخاري) لهذا الحديث مشعر بأنه كان يرى أن قول الصحابي كنا نفعل كذا مسند ولو لم يصرح بإضافته إلى زمن النبي، ﷺ، وهو اختيار الحاكم. وقال الدّارْقُطْني والخطيب وغيرهما: هو موقوف، والحق أنه موقوف لفظًا مرفوع حكمًا لأن الصحابي أورده في مقام الاحتجاج فيحمل على أنه أراد كونه في زمن النبي، ﷺ. فتح الباري ٢/ ٢٧ - ٢٨.
(٢) قلت يقصد بذلك أبا الدرداء؛ فقد روى البخاري، في كتاب الأذان باب، إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة معلقًا. قال وقال أبو الدرداء (من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ) البخاري ١/ ١٧١، وشرح السنة ٣/ ٣٥٦. قال الحافظ وصله ابن المبارك في كتاب الزهد وأخرجه محمَّد بن نصر في كتاب تعظيم قدر الصلاة من طريقه فتح الباري ٢/ ١٥٩.
1 / 84