المطلب الثالث المآخذ التي تؤخذ على الشارح
لما كان الخطأ لا يسلم منه أحد فالشارح، كغيره من الناس، يحصل له الخطأ كما يحصل لكل البشر. وهذا الخطأ لا يسقط مكانته إذا عدَّ في جانب ذلك البحر الزاخر من الحسنات.
وتتمثل هذه المآخذ في طعنه على الأئمة وقد يصل أحيانًا إلى القذع الشديد.
يقول في مقدمه المسالك: إنما حملني على جمع هذا المختصر بما فيه، إن شاء الله، كفاية وتنوع أمور ثلاثة؛ وذلك أني ناظرت جماعة من أهل الظاهر الحزمية الجهلة بالعلم والعلماء وقلة الفهم على موطّأ مالك ابن أنس فكلُّ عابه وهزأ به. [المسالك ل ٣ ب].
ويقول [في القبس ٤٩٢]: ويحكى عن قوم أن الصوم في السفر لا يجوز، وأن من صام لا يجزئه، وهم أقل خلقًا وقولهم أعظم فرقًا في الدين وفتقًا، ولولا ما شدَّك من قلوب الناس في بلادنا بهذه المقالة الركيكة ما لفتنا نحوها ليتًا.
ويقصد هنا بالقوم الظاهرية.
ويقول: ليس في الأمم طائفة أعظم تعلقًا بالظاهر من اليهود ومنه هلكوا .. إلى أن قال: وهذه الطريقة أراد أن يسلكها داود في الدين. [القبس ١١١٧ بتصرف].
هذا عن الظاهرية، وهم الأعداء الألداء له، ولكن غيرهم لم يسلم فيقول مثلًا في أبي حنيفة والشافعي.
قال مالك: من حلف لا يأكل الطعام ولا يلبس هذا الثوب أنه لا ينتفع بهما في حال .. وقال أبو حنيفة والشافعي: يبيعه ويأكل منه، وهذه فتوى يهودية. [القبس ١١١٨].
ويقول، وهو يستعرض أقوال الأئمة في مسائل القذف: وأما أبو حنيفة فهو أعجمي ولا يستنكر عليه الجهل بهذه المسألة. [القبس/ ١٠١٩].
ويقول في باب الغسل: وقعت للبخاري في جامعه كلمة منكرة فإنه ذكر اختلاف الأحاديث، ثم قال: والغسل أحوط وإنما بيَّنا ذلك لاختلافهم، وهذا خطأ فاحش فكيف ينتقل الغسل من الوجوب إلى الاحتياط. [القبس/ ١٦٩].
هذا جزء بسيط من كلامه، ﵀، ذكرناه كمثال.
1 / 72