أبا بكر جليل أشبيلية وزعيم وقته في الحفظ، كان في حفظ الفقه بحرًا يغرف من محيط.
روى عن أبي الحسن بن الأخضر ودرس عليه كتاب سيبويه، وأخذ عنه كتب اللغات والآداب، وسمع من ابن العربي، وبرع، أولًا، في العربية واقتصر عليها ثم مال إلى دراسة الفقه ومطالعة الحديث والإشراف على الاتفاق والاختلاف بتحريض أبي الوليد بن رشد. انتهت إليه الرياسة في الفتيا وقدم للشورى مع أبي بكر ابن العربي ونظرائه بأشبيلية سنة (٥٢١ هـ)، وتمادى به ذلك نيفًا على ستين سنة في ازدياد سمو الرياسة واطراد تمكن الحظوة، ولم يشتغل بالتأليف مع غزارة حفظه واتساع مادة علمه. مات سنة (٥٨٦ هـ) (١).
٧ - أبو بكر محمَّد بن خير بن عمر اللمتوني الإِمام الحافظ شيخ القراء الأشبيلي: أتقن القراءات على شرَيْح بن محمَّد واختص به حتى ساد أهل بلده، وسمع منه ومن أبي مروان الباجي والقاضي أبي بكر بن العربي، وبقرطبة من أبي جعفر ابن جعفر ابن عبد العزيز وابن عمه أبي بكر وأبي القاسم بن بقي وابن مُغِيث وطائفة سواهم. قال ابن الأبّار: كان مكثرًا إلى الغاية. سمع من رفاقه وشيوخه أكثر من مائة نفس، لا نعلم أحدًا من طبقته مثله.
وتصدر بأشبيلية للإقراء والإسماع وحمل الناس عنه كثيرًا، وكان مقرئًا مجودًا ومحدثًا متقنًا أديبًا نحويًا لغويًا، واسع المعرفة رضًا مأمونًا، لما مات بيعت كتبه بأغلى الأثمان لصحَّتها، ولم يكن له نظير، في هذا الشأن، مع الحظ الأوفر من علم اللسان، توفي سنة (٥٧٥ هـ) (٢).
٨ - أبو القاسم بن بَشْكُوَال خلف بن عبد الملك بن مسعود الأنصاري القرطبي: الحافظ محدِّث الأندلس ومؤرِّخها ومسندها، سمع أبا محمَّد بن عَتَّاب وأبا بحر بن العاص وطبقتهما، وأجاز له أبو علي الصَّدَفي، وله عدة تصانيف. توفي سنة (٥٧٨ هـ) (٣) تولّى القضاء ببعض جهات أشبيلية لأبن العربي. أخذ عن ابن العربي الجم الغفير من معاصريه من الأئمة وطلاب العلم.
_________
(١) الديباج: ٢/ ٢٨٦، شجرة النور الزكية: ١/ ١٥٩، العبر ٣/ ٩٢، شذرات الذهب: ٤/ ٢٨٦، البغية: ١٨٨.
(٢) تذكرة الحفاظ: ص ١٣٦٦، العبر: ٣/ ٦٩، تذكرة الحفاظ للسيوطي: ٤٨٣، طبقات القراء: ٢/ ١٣٩،
شذرات الذهب: ٤/ ٢٥٢، مرآة الجنان: ٦/ ٨٦، الديباج: ١/ ٣٥٣، شجرة النور الزكية: ١/ ١٥٤.
(٣) الديباج ١/ ٣٥٤ شجرة النور ١/ ١٥٤ مرآة الجنان ٣/ ٤٣٢.
1 / 51