العلم ورؤوسه وأشياخ الملَّة وأحبارها ما يملأ الخافقين فقلت هذه ضالتي التي كنت أنشد [العواصم ص ٧٥ - ٧٦].
وكان يلازم فخر الإِسلام الشاشي ويصفه بفقيه الوقت وإمامه فهو يقول: فاوضت العلماء وواظبت المجالس واختصصت بفخر الإِسلام أبي بكر الشاشي، فقيه الوقت وإمامه، فطلعت لي شموس المعارف فقلت الله أكبر هذا هو المطلوب الذي كنت أحمد، والوقت الذي كنت أرقب وأرصد، فدرست وقيَّدت وارتويت وسمعت ووعيت. [قانون التأويل ص ٤٠ - ٤١].
ورغم أن ابن العربي لم تطل إقامته هذه المرة ببغداد لأنه على نية العودة إليها ثانية فقد قيَّد على الكثير من الشيوخ سيأتي ذكرهم.
توجهه إلى الحجاز:
كان توجُّهه إلى الديار المقدسة في هذه السنة أي سنة (٤٨٩ هـ) في شهر ذي القعدة. وكما يصف هو ذلك لنا فيقول:
لما كانت سنة (٤٨٩ هـ) أهلّ علينا هلال ذي الحجة ليلة الخميس بالدبرة فرحلنا عنه وقد فرح الناس بوقفة الجمعة ليجتمع لهم فضل اليومين، فضل يوم عرفة وفضل يوم الجمعة، ولأن حج النبي، ﷺ، أيضًا كان يوم الجمعة، فبتنا بمكان يقال له المسجد ثم رجعنا سحرًا. فلما صلّينا الصبح وأشرقت الشمس إذا بقافلة البلقاء نرى فيها النفر المحرمين بالثياب البيض بين الناس فقلت: ما هذا؟ قال لي بعضهم: هم الشيعة لا يحرمون من ميقات عمر (ذات عرق). قلت: فمن أين لهم هذا؟ قال لي: يزعمون أن عليًا خرج من الكوفة فأحرم من هذا الماء. قلت له: ومن روى هذا؟ قال لي: هم رووه. [العارضة ٤/ ٤٩ - ٥٠].
وصوله إلى مكة: وحرصه على أن يحجَّ حجَّ النبي، ﷺ، ونقده لفعل بعض الحجيج، يقول ﵀: مررت من ذات عرق، فألفيت الحاج كلَّه بائنًا بعرفة وليس على من فعل ذلك شيء، ولكنه ترك فعل رسول الله، ﷺ، ولقد خاب من تركه. [العارضة ٤/ ١١٠].
ويقول في موضع آخر: وأما أنا فجئت مراهقًا من ذات عرق إلى الموقف ليلة عرفة نصف الليل فأصبحت بها ووقفت من الزوال يوم الجمعة سنة (٤٨٩ هـ)، ثم دفعت بعد غروب الشمس إلى المزدلفة فبتُّ بها ثم أصبحت فوقف بها الأمير حتى طلعت الشمس على
1 / 38