المبحث الثالث وفيه خمسة مطالب
المطلب الأول الأعمال التي قام بها والوظائف التي شغلها
وُلِّي القاضي أبو بكر بن العربي القضاء، وقد أجمع كل الذين ترجموا له أنه كان مثال العدل والاستقامة وحسن القيام بأمر القضاء.
فمثلًا يقول النباهي: وُلِّي القضاء مدة أولها رجب سنة ٥٣٨ فنفع الله به لصراحته ونفوذ أحكامه، والتزم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى أوذي في ذلك بذهاب كتبه وماله فأحسن الصبر على ذلك كله ثم صُرف عن القضاء وأقبل على نشر العلم وبثّه (١).
وقال الذهبي. وُلِّي قضاء أشبيلية فحمدتْ سياسته، وكان ذا شدة وسطوة فعُزل وأقبل على نشر العلم وتدوينه (٢).
وكان بداية توليه القضاء كما يقول صاحب البيان المغرب [٤/ ٩٢ - ٩٤]، في سنة ٥٢٨ هـ. فقد قال: أصدر علي بن يوسف بن تاشفين مرسومًا بتولية أبي بكر بن العربي قضاء أشبيلية يحمل تاريخ منسلخ جمادي الثانية سنة (٥٢٨ هـ).
ويشير لنا القاضي، ﵀، في كتاب العواصم إلى تولِّيه القضاء فيقول: ولقد حكمتُ بين الناس فألزمتهم الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لم يك يرى في الأرض منكر. واشتد الخطب على أهل الغضب وعظم على الفسقة الكرب وألبسوا وثاروا إليّ. واستسلمت لأمر الله وأمرت كل من حولي ألا يدافعوا عن داري وخرجت من السطوح بنفسي فعاثوا علي وأمسيت سليب الدار، ولولا ما سبق من حسن المقدار لكنت قتيل الدار (٣).
ويقول في الأحكام: كنت أيام تولية القضاء قد رفع إليّ قوم خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منهم امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه فيها فاحتملوها،
_________
(١) ص ١٠٦ تاريخ قضاة الأندلس للنباهي ص ١٠٦.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٢٠٠ تذكرة الحفاظ ١٢٩٥.
(٣) العواصم من القواصم ٢/ ٤٠٠ - ٤٠١.
1 / 23