Public Opinion in Islamic Society
الرأي العام في المجتمع الإسلامي
Editorial
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Número de edición
السنة السادسة عشرة،العدد الواحد والستون
Año de publicación
محرم- صفر - ربيع الأول ١٤٠٤هـ/١٩٨٤م
Géneros
أو فليغيره بلسانه أو فليغيره بقلبه ... ولا يكون بالقلب تغيير إلا بحركة هي أضعف الحركات وأقلها بعد اليد واللسان هي حركة الانسحاب من مجالس المنكرات ومقاطعتها
الرأي العام ودوره في مقاطعة من عصى:
والرأي العام في الإسلام حين يخاصم ويقاطع هدفه الإصلاح والعلاج، لا التشهير والهدم، وهذا ما يميزه عن المجتمعات المادية، فالثلاثة الذين خلفوا عن الجهاد بغير عذر وأمر الرسول ﷺ الأمة بمقاطعتهم واستعمل رسول الله ﷺ سلاح الرأي العام هذا وسيلة صالحة لإبرار أثر التخلف عن الجهاد على الأمة، وقيام الأمة جميعها بواجب المقاطعة، حتى أقارب المقاطع وزوجه يقاطعونه.
حتى إذا حققت المقاطعة ثمرتها التربوية للمتخلفين خاصة، وللأمة عامة نزل الحكم من السماء بإنهاء المقاطعة والتوبة على الذين تخلفوا وتابوا وأنابوا.
قال تعالى: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ . (التوبة:١١٧-١١٨) ١.
إن سلاح المقاطعة يمثل قمة التربية الإيمانية للشخصية المسلمة حين تحب في الله، وتبغض في الله، وتصل في الله، وتقطع في الله، وتحارب في الله وتسالم في الله.
وإن العقيدة التي توحد رأي أبنائها في إصدار حكم على شخص بمقاطعته لأنه تخلف عن الجهاد، أو جاهر بمعصية لتمثل لنا أسلوبًا من أساليب الدعوة الإسلامية في تربية الجماعة وإصلاحها، والدارس للتاريخ الإسلامي يجد تطبيقًا كريمًا لهذه المبادئ في محيط الأسرة، أو محيط الجماعة حين يخرج أحدهم عن الجادة، ويجاهر بمعصية الله فيهجر في الله، وتعطى الأمة برأيها فيه بالمقاطعة العلنية.
وقد ظهر هذا الأسلوب في مرحلة الدعوة الأولى في مكة قبل الهجرة حين أمر رسول الله ﷺ بأن يهجر المجالس التي لا توقر فيها آيات الله وشرائعه فقال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ . (الأنعام: ٦٨) .
_________
١ انظر قصتهم في صحيح البخاري كتاب المغازي زفي الطبري (١١/٥٨) .
1 / 254