Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Editorial
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٤١ هـ
Ubicación del editor
السعودية
Géneros
وَمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِن قَوْلِهِ: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦] وَنَحْوِ ذَلِكَ قَد يَفْهَمُ مِنْهُ بَعْضُهُم أَنَّ "السَّمَاءِ" هِيَ نَفْسُ الْمَخْلُوقِ الْعَالِي -الْعَرْشُ فَمَا دُونَهُ-، فَيَقُولُونَ: قَوْلُهُ: ﴿فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦] بِمَعْنَى "عَلَى السَّمَاءِ" كَمَا قَالَ: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه: ٧١]؛ أَيْ: "عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ"، وَكَمَا قَالَ: ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [آل عمران: ١٣٧]؛ أَيْ: "عَلَى الْأَرْضِ"، وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا (^١)؛ بَل "السَّمَاء" اسْمُ جِنْسٍ لِلْعَالِي لَا يَخُصُّ شَيْئًا، فَقَوْلُهُ: ﴿فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦]؛ أَيْ: "فِي الْعُلُوِّ دُونَ السُّفْلِ"، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، فَلَهُ أَعْلَى الْعُلُوِّ، وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعَرْشِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى ﷾. [١٦/ ١٠٠ - ١٠١]
٩٨ - الْبُخَارِيُّ إنَّمَا يُثْبِتُ خَلْقَ أَفْعَالِ الْعِبَادِ حَرَكَاتِهِمْ وَأَصْوَاتِهِمْ.
وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ هِيَ فِعْلُ الْعَبْدِ يُؤمَرُ بِهِ وَيُنْهَى عَنْهُ، وَأَمَّا الْكَلَامُ نَفْسُهُ فَهُوَ كَلَامُ اللهِ.
وَلَمْ يَقُل الْبُخَارِيُّ: إنَّ لَفْظَ الْعَبْدِ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرَ مَخْلُوقٍ، كَمَا نَهَى أَحْمَد عَن هَذَا وَهَذَا.
وَاَلَّذِي قَالَ الْبُخَارِيُّ إنَّهُ مَخْلُوقٌ مِن أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ: لَمْ يَقُلْ أَحْمَد وَلَا غَيْرُهُ مِن السَّلَفِ إنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإن سَكَتُوا عَنْهُ لِظُهُورِ أَمْرِهِ، وَلكَوْنِهِمْ كَانُوا يَقْصدُونَ الرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّة.
وَاَلَّذِي قَالَ أَحْمَد إنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ هُوَ كَلَامُ اللهِ لَا صِفَةُ الْعِبَادِ، لَمْ يَقُل الْبُخَارِيُّ إنَّهُ مَخْلُوقٌ.
وَلَكِنَّ أَحْمَد كَانَ مَقْصُودُهُ الرَّدَّ عَلَى مَن يَجْعَلُ كَلَامَ اللهِ مَخْلُوقًا إذَا بُلِّغَ عَنِ اللهِ، وَالْبُخَارِيَّ كَانَ مَقْصُودُهُ الرَّدَّ عَلَى مَن يَقُولُ: أَفْعَالُ الْعِبَادِ وَأَصْوَاتُهُم غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ.
(^١) وصدق ﵀، وقد أصاب كبد الحقيقة والتحقيق في هذا، وبهذا نُجري كلام الله على ظاهره، ونجري حروف الجر على أصلها أيضًا، ونخرج بمعنى أعظم وألْيق وأنزه لله تعالى.
1 / 74