Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Editorial
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٤١ هـ
Ubicación del editor
السعودية
Géneros
النَّارِ؛ بَل كَانَ فِي قَلْبِهِ نَوْعٌ مِن الشِّرْكِ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِيمَا أَدْخَلَهُ النَّارَ، وَالشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِن دَبِيبِ النَّمْلِ؛ وَلهَذَا كَانَ الْعَبْدُ مَأمُورًا فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ يَقُولَ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾ [الفاتحة: ٥]. [١٠/ ٢٦٠ - ٢٦١]
٥٥ - قَالَ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]. فَلَمْ يَقُلْ: "وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأَطِيعُوا أُولي الْأمْرِ مِنْكُمْ"؛ بَل جَعَلَ طَاعَةَ أُولِي الْأَمْرِ دَاخِلَةً فِي طَاعَةِ الرَّسُولِ، وَطَاعَةُ الرَّسُولِ طَاعَةٌ للهِ، وَأَعَادَ الْفِعْلَ فِي طَاعَةِ الرَّسُولِ دُونَ طَاعَةِ أُولي الْأَمْرِ؛ فَإنَّهُ مَن يُطِع الرَّسُولَ فَقَد أطَاعَ اللهَ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إذَا أَمَرَهُ الرَّسُولُ بِأَمْرٍ أَنْ يَنْظُرَ هَل أَمَرَ اللهُ بِهِ أَمْ لَا، بِخِلَافِ أُولي الْأَمْرِ، فَإِنَّهُم قَد يَأْمُرُونَ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَن أَطَاعَهُم مُطِيعًا للهِ؛ بَل لَا بُدَّ فِيمَا يَأْمُرُونَ بِهِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْصِيَةً للهِ، ويُنْظَرَ هَل أَمَرَ اللهُ بِهِ أَمْ لَا؟ سَوَاءٌ كَانَ "أُولي الْأَمْرِ" مِن الْعُلَمَاءِ أَو الْأمَرَاءِ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا تَقْلِيدُ الْعُلَمَاءِ وَطَاعَةُ أُمَرَاءِ السَّرَايَا وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَبِهَذَا يَكُونُ الدِّينُ كلُّهُ للهِ.
٥٦ - إِذَا أُفْرِدَ لَفْظُ التَّوْحِيدِ فَهُوَ يَتَضَمَّنُ قَوْلَ الْقَلْبِ وَعَمَلَهُ، وَالتَّوَكُّلُ مِن تَمَامِ التَّوْحِيدِ.
وَهَذَا كَلَفْظِ "الْإِيمَانِ" فَإِنَّهُ إذَا أُفْرِدَ دَخَلَتْ فِيهِ الْأَعْمَالُ الْبَاطِنَةُ وَالظَّاهِرَةُ، وَقِيلَ: الْإِيمَان قَوْلٌ وَعَمَلٌ؛ أَيْ: قَوْلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعَمَلُ الْقَلْبِ وَالْجَوَارحِ. [١٠/ ٢٦٦ - ٢٦٧]
وَالْإِيمَانُ الْمُطْلَقُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِسْلَامُ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ "الْعَمَلِ" فَإِنَّ الْإسْلَامَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِن الْعَمَلِ، وَالْعَمَلُ الظَّاهِرُ هُوَ مُوجَبُ إيمَانِ الْقَلْبِ وَمُقْتَضَاهُ، فَإِذَا حَصَلَ إيمَانُ الْقَلْبِ حَصَلَ إيمَانُ الْجَوَارحِ ضَرُورَةً، وَإيمَانُ الْقَلْبِ لَا بُدَّ فِيهِ مِن تَصْدِيقِ الْقَلْبِ وَانْقِيَادِهِ، وَإِلَّا فَلَو
1 / 43