26

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

Editorial

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٤١ هـ

Ubicación del editor

السعودية

Géneros

وَكَذَلِكَ لَمَّا قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ إنَّهُم يَقُولُونَ: إنَّ عَامِرًا قَتَلَ نَفْسَهُ وَحَبِطَ عَمَلُهُ، فَقَالَ: "كَذَبَ مَن قَالَهَا؛ إنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ" وَكَانَ قَائِلُ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَمَّد الْكَذِبَ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَقَد رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ أسيد بْنَ الحضير، لَكِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ بِلَا عِلْمٍ كَذَّبَهُ النَّبِيُّ ﷺ.
وَقَد قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمَا مِن الصَّحَابَةِ فِيمَا يُفْتُونَ فِيهِ بِاجْتِهَادِهِمْ: إنْ يَكُن صَوَابًا فَمِن اللّهِ. وَإِن يَكُن خَطأً فَهُوَ مِنِّي وَمِن الشَّيْطَانِ. وَاللّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ مِنْهُ.
فَإِذَا كَانَ خَطَأُ الْمُجْتَهِدِ الْمَغْفُورِ لَهُ هُوَ مِن الشَّيْطَانِ، فَكَيْفَ بِمَن تَكَلَّمَ بِلَا اجْتِهَادٍ يُبِيحُ لَهُ الْكَلَامَ فِي الدِّينِ؟
فَهَذَا خَطَؤُهُ أَيْضًا مِن الشَّيْطَانِ مَعَ أَنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتُبْ، وَالْمُجْتَهِدُ خَطَؤُهُ مِن الشَّيْطَانِ وَهُوَ مَغْفُورٌ لَهُ. [١٠/ ٤٩٩ - ٤٥٠]
٣٧ - قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: أَكْثَرُ مَا يُفْسِدُ الدُّنْيَا: نِصْفُ مُتَكَلِّمٍ، وَنِصْفُ مُتَفَقِّهٍ، وَنِصْفُ مُتَطَبِّب، وَنِصْفُ نَحْوِيّ.
هَذَا يُفْسِدُ الْأَدْيَانَ، وَهَذَا يُفْسِدُ الْبُلْدَانَ، وَهَذَا يُفْسِدُ الْأَبْدَانَ، وَهَذَا يُفْسِدُ اللِّسَانَ. [٥/ ١١٨ - ١١٩]
***
(ينبغي للإنسان أنْ يُحَاسبَ نَفْسَهُ عَلَى مَا يَجْزِمُ بِهِ)
٣٨ - الْجَازِمُ بِغَيْرِ عِلْمٍ يَجِدُ مِن نَفْسِهِ أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا جَزَمَ بِهِ، وَالْجَازِمُ بِعِلْمٍ يَجِدُ مِن نَفْسِهِ أَنَّهُ عَالِمٌ (^١).

(^١) فهذا هو الفارق بين العالم والمقلد.
وذلك تجد كثيرًا من العامة والمقلدين يجزمون بأمور كثيرة يعتقدونها، سواء في العقيدة كالقدر مثلًا، أو في الأحكام الفرعية ونحوها، ولكن سرعان ما يتزعزع هذا الجزم بورود الشبهات عليه، فربما سمع شبهة من ضالّ، أو قرأ قولًا يُخالف ما كان يعتقده حتى يبدأ يشك ويتردد، ويقل جزمه بما يعتقده.
وأما العالم والجازم بعلم ودليل فإنه لا يتأثر بهذه الشبهات، بل ربما تزيده إيمانًا ويقينًا وثباتًا.

1 / 32