عند ذلك أعلن نوح براءته من قومه ودعا الله تعالى أن يهلكهم وأن يطهر الأرض من شركهم وضلالهم: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا﴾ ١. وكما قال عنه ربه تعالى: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾ ٢، وقد استجاب له ربه ﷾ كما قال ﷿: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ﴾ ٣. وقال سبحانه: ﴿وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ ٤.
وأهلك الله قومه الكافرين ومنهم ابنه الذي لم يفتأ يدعوه إلى الإيمان إلى أن أدركه الغرق، وكان يراجع ربه فيه حتى قال له ربه ﷿: ﴿يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ ٥. عندها تبرأ نوح منه وسأل ربه المغفرة والرحمة، لأن علاقة النسب وكل علاقة دون علاقة الإيمان لا عبرة بها، إذا لم تكن علاقة الإيمان بالله تعالى.