المبحث الثالث: بدء دعوته ﷺ
بعد نزول الوحي عليه ﷺ بدأت شمس الهداية تسطع على البشرية تضيء لها الطريق إلى ربها، فمنهم من هدى الله، ومنهم من حقت عليه الضلالة، وقد جاء الأمر للرسول ﷺ ليبدأ هذه المسيرة العظيمة التي سار فيها الأنبياء والمرسلون من قبله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، وكلهم كانوا لأممهم خاصة، أما محمد ﷺ فقد جاء للناس جميعا كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ ١، ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعا﴾ ٢، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ ٣، وقال ﵊: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" ٤.
وجاء الأمر له من ربه ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ ٥.
فبدأ ﵊ دعوته سرا يفضيها إلى من يثق في قناعته وتصديقه وقبوله لهذا الدين، فسبق إليها أولئك السابقون الذين أكرمهم
١ الآية ٢٨ من سورة سبأ.
٢ الآية ١٥٨ من سورة الأعراف.
٣ الآية ١٠٧ من سورة الأنبياء.
٤ البخاري مع الفتح من حديث جابر ﵁ ١/٤٣٥.
٥ الآيات من ١-٧ من سورة المدثر.