Program Your Ramadan
برنامجك في رمضان
Editorial
الكتاب إهداء من جمعية مودة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣١هـ -٢٠١٠م
Géneros
برنامجك في رمضان
إهداء
من جمعية مودة
1 / 1
حقوق الطبع لكل مسلم
الطبعة الأولى ١٤٣١هـ/٢٠١٠م
1 / 2
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا برنامج مقترح لاستغلال شهر رمضان المبارك، كنت قد كتبته قبل أكثر من عشر سنوات، وألقيته في أكثر من مناسبة في الأعوام السابقة، وكان الهدف منه إرشاد المسلم إلى كيفية اغتنام الشهر بالطريقة المثلى لتحصيل الغاية من الصيام، والانتفاع بما في هذا الموسم من الأجور العظيمة. وليس الهدف وضع جدول بأوقات محددة لفعل بعض العبادات.
وقد اشتمل البرنامج على أهم الأهداف التي ينبغي أن يحققها المسلم في رمضان، مع الإشارة إلى بعض قضايا العبادة في هذا الشهر الفضيل. كما اشتمل البرنامج على
1 / 1
قضايا تتعلق بعادات الناس في رمضان في جوانب الأكل والنوم وغيرها. كما أشرت إلى كيفية التعامل مع العشر الأواخر. وغيرها من القضايا.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل لوجهه خالصًا وأن يتقبله مني وأن يجعله في ميزان حسناتي، وأن ينفع به كل من اطلع عليه والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عادل حسن يوسف الحمد
٣ شعبان ١٤٣١هـ
البحرين
1 / 2
برنامجك في رمضان
١ - اختلاف الأفراد في عملية وضع البرامج
يتفاوت الناس في وضع برامجهم في مواسم العبادة والخير على أصناف عدة:
١) فمنهم من يلجأ إلى عملية الكتابة المنظمة لما سيقوم به بصورة واضحة منسقة مع زمن الموسم المراد استغلاله.
٢) ومنهم من يضع لنفسه تصورا في عقله وفكره لما سوف يقوم به.
٣) وآخرون يتركون العملية للوقت، أي يقومون بما يتيسر لهم في وقته بدون تخطيط مسبق.
أما الصنف الثالث فغالبًا ما يفوتهم الشهر بغير استغلال، ولا يتنبهون لما هم فيه إلا بعد انقضاء الشهر المبارك.
ويفوز بالشهر من وضحت له الأهداف التي ينبغي أن يعمل من أجل تحقيقها في هذا الشهر المبارك، فخطط
1 / 3
لنفسك بوضوح قبل دخول الشهر، حتى لا يفوتك شيء منه.
وفيما يلي بعض النقاط المعينة على التخطيط للاستفادة من شهر رمضان المبارك.
٢ - أهدافك في رمضان:
العمل بلا هدف مثل التيه في الصحراء، يسير الإنسان طوال النهار ولكن بغير وجهة، فتمضي الأيام عليه وهو يسير، ولعله يهلك قبل أن يصل إلى مراده.
من أجل ذلك أقترح عليك أخي الصائم أن تضع هذه الأهداف نصب عينيك، وتعمل على تحقيقها في شهر رمضان؛ حتى تخرج بأكبر فائدة منه بإذن الله تعالى:
الهدف الأول: تحقيق التقوى:
تحقيق التقوى هدف من أهداف الصيام التي أشار الله إليها في كتابه، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الَّذِينَ مِنْ تَتَّقُونَ﴾ البقرة: ١٨٣
1 / 4
قال الشيخ السعدي ﵀ في تفسير هذه الآية: «ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: ﴿تَتَّقُونَ﴾ فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركها، ثوابه، فهذا من التقوى.
ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى».
1 / 5
الهدف الثاني: نيل المغفرة:
من فضل الله ﷿ على المؤمنين أنه يغفر لهم في شهر رمضان، والمحروم من حرم هذه المغفرة فلم يتعرض لها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاهُ الْجَنَّةَ». رواه الترمذي.
وفي رواية ابن حبان لهذا الحديث قال أبو هريرة ﵁ أن النبي - صعد المنبر فقال: (آمين آمين آمين) قيل: يا رسول الله إنك حين صعدت المنبر قلت: آمين آمين آمين قال: «إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين. ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين. ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين».
1 / 6
فهذا البعيد الخاسر قد أدرك رمضان ولكنه لم يتعرض للرحمة، إما بإهماله للعمل الصالح، أو بإصراره على المعصية وعدم التوبة، أو أنه لم يعظم الشهر بأي نوع من أنواع الطاعات، أو بغير ذلك من محبطات الأعمال.
ولذلك ينبغي على المسلم أن يجعل من أهم أهدافه في هذا الشهر أن يُغفر له وتُعتق رقبته من النار، فيعمل وفق هذا الهدف طوال الشهر.
الهدف الثالث: الاهتداء بالقرآن:
أنزل الله ﷿ كتابه هداية للناس فقال سبحانه: ﴿هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى﴾ البقرة: ١٨٥
وشهر رمضان هو شهر القرآن، والناس فيه يحرصون على قراءة القرآن، ولكن القراءة وحدها لا تكفي، بل لابد من الاهتداء بهداية القرآن؛ وهذا يستلزم أن يقرأ المسلم القرآن بتدبر لمعانيه العظيمة، ويتلمس الهداية فيه في كل
1 / 7
قضايا الحياة كما قال تعالى: ﴿إِنَّ يَهْدِي لِلَّتِي﴾ الإسراء: ٩.
الهدف الرابع: قيام ليلة القدر:
من رحمة الله بهذا الأمة أن جعل لها ليلة في السنة العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر، ألا وهي ليلة القدر، قال تعالى: ﴿إِنَّا فِي خَيْرٌ وَالرُّوحُ هِيَ﴾ القدر: ١ - ٥
وهذه الليلة في شهر رمضان كما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ ﷿ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ». رواه النسائي
وقد ورد في بيان فضلها أحاديث عدة، منها:
1 / 8
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه البخاري ومسلم.
وإذا كان هذا فضل هذه الليلة فالعاقل يجعل من أهدافه في رمضان أن يدرك هذه الليلة ويقومها؛ لينال هذا الأجر العظيم فيها.
الهدف الخامس: الصوم على بصيرة:
بمعنى أن يعرف المسلم أحكام الصيام، فيدخل فيه على بصيرة لا على ما اعتاده الآباء والأجداد، ولا على حسب العادات والتقاليد في كل بلد.
وتعلم المسلم لأحكام الصيام يجعله ينال الفضل الوارد في حديث معاوية ﵁، والذي قال فيه: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - يَقُولُ: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَاتِيَ أَمْرُ اللَّهِ». رواه البخاري
1 / 9
ومن فوائد تعلم أحكام الصيام: صحة الصوم، واجتناب الوساوس فيه، وإدراك أبواب الأجور العظيمة في شهر رمضان.
ويمكن للمسلم أن يحقق هذا الهدف بسماع بعض المحاضرات في الصوم، أو قراءة بعض الكتب فيه.
الهدف السادس: حفظ الصوم من الجوارح:
لا يكفي أن يصوم الإنسان، بل لابد أن يحفظ هذا الصيام مما يخدشه وينقص أجره. وهذا الحفظ يجعل الصائم يحقق معنى الصيام الحقيقي، فليس الصوم عن الطعام والشراب فقط، بل لابد أن يصوم الإنسان عما حرم الله عليه، ولذلك جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». رواه البخاري.
فيكون نصيب المسلم من هذا الصيام الذي لم يحفظه مما يجرحه الجوع والعطش فقط، كما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ
1 / 10
صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ». رواه ابن ماجة.
هذه بعض الأهداف المهمة التي ينبغي أن يراعيها كل مسلم حريص على اغتنام شهر الصيام، ويضع مخططه في اغتنام الشهر على ضوئها.
٣ - عبادتك في رمضان:
شهر رمضان شهر العبادة، فإذا دخل رمضان عليك وخرج ولم تتغير عبادتك، فأنت أحد رجلين؛ إما عابد قد بلغت الغاية في العبادة في رمضان وغير رمضان، فلم تحتج إلى زيادة، وأحسب أن هذا النوع من الرجال قلما يوجد بين الناس.
وإما رجل لم ينتفع من الشهر، وبقي على تقصيره في العبادة.
وحتى نحقق العبادة في رمضان على أكمل وجه فنحن بحاجة إلى الوقوف مع بعض الحقائق:
1 / 11
أشمولية العبادة:
لا تقتصر العبادة على الشعائر الظاهرة من الصلاة والصيام والصدقة ونحوها، وإنما تشمل العبادة كل ما شرعه الله في كتابه أو جاء به رسوله -، ولذلك عرفها ابن تيمية ﵀ بقوله: «العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة» (١). وبناءً على هذا التعريف تدخل العبادة في كل معروف يقوم به المسلم في حياته.
ب هدي النبي - في العبادة في رمضان:
من المهم للعُبَّاد أن يتعرفوا على هدي النبي - في رمضان ليدركوا الفرق في حياة النبي - في رمضان وفي غير رمضان. ونبينا الكريم - كان أعبد الناس ومع ذلك إذا دخل رمضان ازداد من العبادة. قال ابن القيم ﵀: «وكان من هديه - في شهر رمضان الإكثار من العبادات، فكان جبريل ﵊ يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح
_________
(١) ابن تيمية، العبودية ٣٨.
1 / 12
المرسلة، وكان أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف. وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره به من الشهور» (١).
ت الاقتصار في العبادة على ما شرعه الله:
عندما نتحدث عن العبادة والإكثار منها في رمضان، فإننا لا نعني أن نفتح الباب على مصراعيه بغير ضوابط، بل لابد من ضوابط تضبط لنا هذه العبادة، وإلا كانت من البدع، أو من العبادة المردودة وإن كانت مشروعة، ومن هذه الضوابط: أن تكون العبادة مما شرعه الله وثبت عن رسوله -، وبالطريقة التي فعلها -، وإلا كانت هذه العبادة من البدع.
ولذلك نبه العلماء على ما يذكر عن بعض العباد في عبادتهم إذا خالفت تلك العبادة هدي النبي -، كما قال الذهبي: «وقد روي من وجوه متعددة أن أبا بكر بن عياش مكث نحوًا من أربعين سنة يختم القرآن في كل يوم
_________
(١) ابن القيم، زاد المعاد ٢/ ٣٢.
1 / 13
وليلة مرة. وهذه عبادة يخضع لها، ولكن متابعة السنة أولى. فقد صح أن النبي - نهى عبدالله بن عمرو أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث. وقال ﵇: لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» (١).
فالنبي - لم يرخص لأصحابه في قراءة القرآن في أقل من ثلاث، فإذا فعلها رجل بعدهم لم يمدح بفعله؛ لأنه خالف ما أمر به النبي -. قال ابن تيمية ﵀: «فطاعة الله ورسوله قطب السعادة التي عليها تدور، ومستقر النجاة الذي عنه لا تحور. فإن الله خلق الخلق لعبادته كما قال تعالى: ژ؟؟؟؟؟؟ ژ الذاريات: ٥٦، وإنما تعبدهم بطاعته وطاعة رسوله، فلا عبادة إلا ما هو واجب أو مستحب في دين الله، وما سوى ذلك فضلال عن سبيله» (٢).
وعلى هذا فعندما نطالب بالإكثار من العبادة فإنما نطالب المسلم أن يكثر مما شُرع وبالطريقة المشروعة،
_________
(١) الذهبي، تهذيب سير النبلاء ٢/ ٦٧٥.
(٢) ابن تيمية، الفتاوى ١/ ٤.
1 / 14
أما أن يبتدع المسلم عبادة أو طريقة في العبادة بحجة الإكثار من الطاعة في شهر رمضان فإن هذا العمل مردود عليه. قال ابن تيمية ﵀: «العبادات مبناها على الشرع والاتباع لا على الهوى والابتداع فإن الإسلام مبني على أصلين:
أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له.
والثاني: أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله - ولا نعبده بالأهواء والبدع.
قال تعالى: ژ؟؟؟؟؟؟ ...؟ ں ں ...؟؟؟؟؟؟ ہ ہ ہ ہ ھ ھھ ژ الجاثية: ١٨ – ١٩ وقال تعالى: ژ ھ ے ... ے؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ژ الشورى: ٢١، فليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه رسوله -، من واجب ومستحب، لا نعبده بالأمور المبتدعة» (١). «فهذا أصل يجب اعتباره، ولا يجوز أن يكون الشيء واجبًا ولا مستحبًّا
_________
(١) المرجع السابق ١/ ٨٠.
1 / 15
إلا بدليل شرعي يقتضي إيجابه أو استحبابه. والعبادات لا تكون إلا واجبة أو مستحبة، فما ليس بواجب ولا مستحب فليس بعبادة» (١). «ومن تعبد بعبادة ليست واجبة ولا مستحبة، وهو يعتقدها واجبة أو مستحبة فهو ضال مبتدع: بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين، فإن الله لا يُعبد إلا بما هو واجب أو مستحب» (٢).
ولكن قد يتعذر البعض بأن هذه الطريقة في العبادة وإن كانت لم تفعل على عهد النبي - ولا على عهد أصحابه، إلا أن فيها مصلحة في هذا الزمان، إما أن تكون راجعة على الشخص نفسه، أو أنها من باب مصلحة الدعوة مثلا، فيجتمعون في ليلة من ليالي العشر من رمضان مثلًا فيحيون تلك الليلة بطريقة لم تثبت عن النبي -.
فيقال لهؤلاء لو كانت خيرًا ما أغفلها النبي - ولأرشد إليها.
_________
(١) المرجع السابق ١/ ١٦٥.
(٢) المرجع السابق ١/ ١٦٠.
1 / 16
وقد بين العلماء حكم مثل هذه الطرق المخترعة في العبادة، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: «وعامة العبادات المبتدعة المنهي عنها قد يفعلها بعض الناس ويحصل له بها نوع من الفائدة، وذلك لا يدل على أنها مشروعة، بل لو لم تكن مفسدتها أغلب من مصلحتها لما نهي عنها» (١).
«وأصل هذا: أن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات حتى تصير سننا ومواسم، قد شرع الله منها ما فيه كفاية العباد، فإذا أحدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات معتاد، كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنه. وفيه من الفساد ما تقدم التنبيه على بعضه» (٢).
وأختم الحديث بهذه الوصية الجليلة من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه في هذا الموضوع حيث يقول: «ولا ينبغي لأحد أن يخرج في هذا عما مضت به السنة، وجاءت به الشريعة، ودل عليه الكتاب والسنة، وكان عليه سلف
_________
(١) ابن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٧٥٩.
(٢) المرجع السابق ٢/ ٦٣٣.
1 / 17
الأمة، وما علمه قال به، وما لم يعلمه أمسك عنه، ولا يقفو ما ليس له به علم، ولا يقول على الله ما لا يعلم، فإن الله قد حرم ذلك كله» (١).
ث العبادة بين الكم والكيف:
وإذا كنا نطالب المسلم بالإكثار من العبادة في رمضان، فإننا نطالبه كذلك بأداء المشروع من العبادات على الوجه المشروع، فركعتين بخشوع وخضوع وإتمام في الركوع والسجود أفضل من عشر ركعات مستعجلات لا يتم فيها الركوع ولا السجود ولا يدري ما قال فيها، فلُبُّ الصلاة الخشوع، فإذا فوت على نفسه الخشوع لم ينتفع من تلك الصلاة. وهكذا في سائر العبادات.
٤ - أنت والقرآن في رمضان:
شهر رمضان هو شهر القرآن الذي فيه أنزل على قلب نبينا محمد -، كما قال تعالى:
_________
(١) ابن تيمية، الفتاوى ١/ ٣٣٥.
1 / 18