Principles of Invitation and Its Methods 4 - University of Madinah
أصول الدعوة وطرقها ٤ - جامعة المدينة
Editorial
جامعة المدينة العالمية
Géneros
ثابت لا يتخلف، يدل على أن مصدره هو رب العزة والجلال ﷾ وهو معجز أيضًا في بنائه وتناسق أجزائه وتكاملها، فلا فلتة فيه ولا مصادفة، بل كل توجيهاته تلتقي وتتماسك وتتكامل، وتحيط بالحياة البشرية وتستوعبها، وتلبيها وتدفعها، دون أن تتعارض جزئية واحدة من ذلك المنهج الشامل الضخم مع جزئية أخرى، ودون أن تصطدم واحدة منها بالفطرة الإنسانية، وكلها مشدودة إلى محور واحد في اتساق لا يمكن أن تفطن إليه فطرة الإنسان المحدود، ولا بد أن يكون هناك علم شامل لا يتقيد بحدود الزمان والمكان، يدل على إعجاز هذا القرآن في بنائه وتناسق أجزائه.
وهو معجز أيضًا في يسر مداخله إلى القلوب والنفوس ولمس مفاتيحها وفتح مغاليقها واستجاشة مواضع التأثر والاستجابة فيها، وعلاج عقدها ومشكلاتها في بساطة ويسر عجيبين، وفي تربيتها وتصريفها وفق منهجه بأيسر اللمسات، دون تعقيد ولا التواء ولا مغالطة، وهو معجز في إخباره عن المغيبات التي وراء عالم الشهادة؛ كعالم الملائكة والجن واليوم الآخر، وما يكشف الإنسان عنه من تاريخ الإنسان، وما تأتي به الأحداث إلى اليوم يصدق ما جاء به النبي الأمي ﵌ الذي لم يخط بالقلم ولم يقرأ من كتاب، فقد أخبر القرآن الكريم عن أخبار سبقت، كما أخبر عن أمور لاحقة، وقد عرف العالم اليوم وقبل اليوم، من خلال ما أخبر الحق ﵎ أنه كتاب حق صادق فيما جاء به، وأن النبي ﵌ أيضًا صادق فيما جاء به من عند الله ﵎.
وأيضًا القرآن الكريم معجز فيما أخبر به من حقائق الكون التي لم يهتدِ الإنسان إلى معرفتها، ولم يكتشف بعض أسرارها إلا حديثًَا، وسأبين شيئًا من ذلك إن شاء الله ﵎ في المحاضرة التالية، وهو أيضًا معجز في تشريعاته وأحكامه في شمولها وسموها وصلاحياتها للإنسان على مر العصور،
1 / 197