Principles of Da'wah and Its Methods 2 - University of Madinah
أصول الدعوة وطرقها ٢ - جامعة المدينة
Editorial
جامعة المدينة العالمية
Géneros
خالف بها دعوة عيسى ﵇، واستطاع أن ينتصر على النَّصرانيَّة المحافظة الَّتي تترسَّم خُطى المسيح ﵇، وقد استمرَّ هذا الصراع خلال الثَّلاثة قرون الأولى، الَّتي لقي فيها أتباع عيسى الحقيقيُّون أشدَّ أنواع الاضطهاد على أيدي اليهود والرُّومان، وقد سجل القرآن الكريم وقائع هذا الاضطهاد في سورة البروح، قال تعالى:
﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ* وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ *قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [البروج:١ - ٨].
وهذه الآيات إشارةٌ إلى ما كان يلقاه المؤمنون الموحِّدون، خلال الفترة بين رسالة عيسى ﵇ وبِعثة محمَّد ﷺ، ولقد تمكَّن الَّتيار الَّذي كان يتصدَّره أتباعُ بولس، من أن تكون لهم اليد الطُّولى والكلمة العليا على مخالفيهم، لا سيَّما بعد اعتناق الإمبراطور الرُّوماني قسطنطين النَّصرانيَّة، الَّذي انحاز لآراء وأفكار وأنصار بولس ومنحهم حرية العبادة، وطارد الموحِّدين والمخالفين للكنيسة. وعقد عام ٣٢٥م المجمع الكنسي الأول، الَّذي عُرف بمجمع "نيقية" الَّذي تبنى ما يُعرف بمعتقد "نيقية"، الَّذي قرَّر "أن يسوع هو الإله المتجسِّد" ورفض آراء آريوس، الَّتي كانت تقوم على فكرة إنكار ألوهية المسيح ﵇.
ولقد تشعَّبت عقائدُ النَّصارَى، فشمِلت عقيدةَ التَّثليث والدَّينونة، والصَّلب والتَّعميد، والعشاء الربانيَّ، والاستحالة. وحوربت معتقداتُ من يُخالف هذه المعتقدات الباطلة، فنشأت محاكم التَّفتيش، تُصادر كلَّ رأيٍ يخالف رأي الكنيسة، ومارست الكنيسة ألوانًا من الطُّغيان المادِّيِّ والرُّوحيِّ، ممَّا هو معروف في المراجع والمصادر العالميَّة.
1 / 175