ثم گوته مدين في أفكاره لغير حافظ: للشيخ عطار وسعدي والفردوسي، وللأدب الإسلامي عامة، فقد كتب في بعض المواضع غزلا في قيود القافية والرديف وهو يستعمل في لغته استعارات فارسية بغير تكلف مثل: جوهر الأشعار، وسهام الأهداب، والطرة المعقودة، بل هو في فورة الفارسية لا يحترز من الإشارة إلى الولوع بالمرد، ثم أسماء أقسام الديوان فارسية كذلك مثل: «مغني نامه - ساقي نامه - عشق نامه - تيمور نامه - حكمت نامه وغيرها» ومع هذا كله فليس هو مقلدا أي شاعر فارسي. فطرته الشعرية حرة ولا ريب، وإنما غناؤه في مروج الشقائق المشرقية عرضي محض. وهو لا يفرط في غربيته، وإنما يقع بصره وحده على الحقائق الشرقية التي تلائم نظرته الغربية، ولم يمل إلى التصوف العجمي قط، وكان يعلم أن أشعار حافظ تفسر في المشرق تفسيرا صوفيا، ولكنه لم يكلف إلا بالغزل محضا، ولم يهتم بالتفسير الصوفي في كلام حافظ أي اهتمام.
وكانت معارف مولانا الرومي وحقائقه الفلسفية مبهمة عنده. لا يمكن أن ينكر الرومي رجل مدح سبنوزا (فيلسوف هولندي كان يقول بوحدة الوجود) وأعمل قلمه في الدفاع عن برونو (فيلسوف إيطالي وجودي).
2
والخلاصة أن گوته في الديوان المغربي اجتهد في إظهار الروح العجمية في الأدب الألماني. •••
وقد أكمل الأثر الشرقي الذي بدأ في ديوان گوته الشعراء الذين جاءوا بعده: بلاتن وروكرت وبودن ستات.
فأما بلاتن فقد تعلم الفارسية لمقاصد أدبية، ونظم غزلا في القافية المروقة، بل في العروض الفارسي، ونظم رباعيات، ونظم قصيدة في نبوليون، واستعمل الاستعارات الفارسية بغير تكلف مثل گوته: عروس الورد. والطرة المسكية، وشقائق العذار، وهو مولع بالتغزل المحض كذلك.
وأما رونرت فكان ماهرا في الألسنة الثلاثة: العربية والفارسية والسنسكريتية، وكان لفلسفة الرومي مكانة عظيمة في رأيه، وتأثير مولى الروم فيما كتب من غزل كان أوضح وكانت مصادره من الأشعار الشرقية أوسع بما عرف من لغات الشرق.
وقد التقط لآلئ الحكمة من مخزن الأسرار لنظامي وبهارستان جامي وكليات أمير خسرو، وكلستان سعدي، ومناقب العارفين، وعيار دانش، ومنطق الطير، وهفت قلزم، بل زين كلامه بقصص وروايات إيرانية ترجع إلى ما قبل الإسلام. وقد أحسن نظم بعض واقعات التاريخ الإسلامي وأشخاصه، مثل موت محمود الغزنوي وغزو محمود سومنات والسلطانة رضية
3
وموضوعات أخرى.
Página desconocida