هذا هو موقف اليهود من الرسول ﷺ عندما وصل إلى المدينة، حقد بغضاء حسد عداوة.
العنصر الثالث: معاملة النبي- ﷺ لليهود في المدينة
عباد الله! لما استقرت الأوضاع في المدينة، تطلع رسول الله ﷺ إلى حماية المدينة من الداخل- وهذا ما يقال في لغة العصر تأمين الجبهة الداخلية- فسعى إلى أن يكون بينه وبن اليهود -وهم على دينهم- حسن جوار فلا يؤذيهم ولا يؤذونه، ولا يعتدي عليهم ولا يعتدون عليه، فدعى النبي- ﷺ إلى معاهدة سلم تكفل لهم الحرية الكاملة التامة في دينهم وأموالهم، وتضمن لهم أن يعيشوا في جوار النبي- ﷺ في سلم وسلام، وأمن وأمان.
وكان من مقتضى هذه المعاهدة أن يكون المسلمون واليهود يدًا واحدة ضد كل من قصد المدينة بسوء.
وكان في المدينة من اليهود ثلاث طوائف: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، فعاهدهم النبي ﷺ جميعًا على المسالمة، وعلى النصرة والمؤازرة ضد كل من يقصد المدينة بسوء.
عباد الله! وأخذ النبي- ﷺ يحث المسلمين على الوفاء، وأداء الأمانة، وينهاهم عن الغدر والخيانة، ويأمرهم باحترام هذه المعاهدة واحترام أهلها، ويحذرهم من الاعتداء على أهل هذه المعاهدة في نفس أو مال، فجعل ﷺ يقول: "ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة" (١).
(١) "صحيح أبي داود" (٢٦٢٦).