123

Paths of Peace from the Authentic Biography of the Best of Creation, Peace Be Upon Him

سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

Editorial

مكتبة الغرباء

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٢٨ هـ

Ubicación del editor

الدار الأثرية

Géneros

وعن أبي بكر ﵁ أنه قام يومًا على المنبر ثم بكى ثم قال: قام رسول الله ﷺ عام أول على هذا المنبر ثم قال: "سلوا الله العفو والعافية، فما أُعطي أحدٌ عطاءً بعد اليقين خيرًا من العافية" (١). وعن عبد الله بن عمر ﵁ قال: لم يكن رسول الله ﷺ يصبح ولا يمسي إلا ويدعو بهذه الكلمات: اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، اللهم إني أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي" (٢). فيا معشر الشباب! هوِّنوا على أنفسكم، ليس الاضطهاد والتعذيب شرطًا لصحة الإيمان، ولا شرطًا لكماله حتى تنشدوه وتسعوا إليه، ويقوم قائمكم بين ظهراني الناس فيسبُّ الحاكم أو يشتمه، أو يحرض الناس عليه، ويدعو الناس للخروج عليه حتى يؤخذ ويودع في السجون، ويعذب يظن أنه قد عمل شيئًا أرضى الله، لا والله، قد نُهيت عن ذلك، وما يدريك إذا تعرضت للبلاء أتصبر أم لا؟ ما يدريك إذا تعرضت للبلاء فوقع عليك أن تفتن عن دينك وترجع عن الإِسلام بعد أن هُديت إليه. أما علمت أن الله تعالى قال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (١١)﴾ [العنكبوت: ١٠ - ١١]. والرسول ﷺ قال: "لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه"، قالوا: وكيف يذل

(١) "صحيح سنن الترمذي" (٣٥٥٨). (٢) "صحيح سنن أبي داود" (٤٢٣٩).

1 / 114