Palestina: Para que no sea otra Andalucía
فلسطين حتى لا تكون أندلسا أخرى
Géneros
موقف الشرع الإسلامي من فتح بلاد فلسطين وغيرها
تذكرون عندما تحدثنا عن فتح بلاد الشام فتحت بلاد فلسطين في سنة ١٣هـ وأتم الفتح في سنة ١٨هـ، ومنذ ذلك الحين أصبحت فلسطين قطرًا إسلاميًا.
يعني: أنا أحرر فلسطين ببساطة؛ لأنها إسلامية في المقام الأول، هذا بلا شك عليه تعليقات كثيرة: أولًا: ما موقف الشرع الإسلامي؟ نحن الآن مختلفون، أعلم أن الكثير يقولون: نحررها؛ لأنها عربية، وآخرين: لأن بها القدس، وآخرين: لأن بها المسجد الأقصى وهكذا اختلفنا، نرجع إلى حديث رسول الله ﷺ الذي ذكرناه في المحاضرة السابقة، يقول ﷺ: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ).
فالآن نحن اختلفنا ما بين إسلامية وعربية ووقف لنزيف الدماء وقضية القدس وغيرها، تعالوا نرجع إلى سنة نبينا ﷺ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تعالوا نرجع إلى الشرع الإسلامي وإلى الفقه الإسلامي، هناك باب كبير جدًا في الفقه اسمه باب الأرض المغنومة، الأرض التي دخلها المسلمون بالفتح الإسلامي، ما هو موقفنا من هذه الأرض كأرض فلسطين أو كغيرها من الأراضي التي دخلها المسلمون فاتحين؟ فالأرض التي دخلها المسلمون فتحًا أو صلحًا وقف إسلامي، وعلى هذا اجتماع فقهاء المسلمين، لكن اختلفوا اختلافًا يسيرًا في كيفية تصرف الحاكم المسلم في هذه الأرض المغنومة، فـ أبو حنيفة والشافعي وابن حنبل ﵏ جميعًا اتفقوا على أنه يجوز أن يفعل في الأرض المفتوحة أحد أمرين: إما أن يوزع أربعة أخماسها على الفاتحين ويضم الخمس الباقي إلى خزانة الدولة، كما قسم رسول الله ﷺ بعض أراضي خيبر.
والرأي الثاني: أن يضمها كلها إلى بيت مال المسلمين، ولا يوزع منها شيئًا على الفاتحين، وذلك ليستفيد منها المسلمون إلى يوم القيامة، ولا تبقى حكرًا على مجموعة الفاتحين الأوائل، ومرجعهم في هذا الأمر الأخير إلى عمر بن الخطاب ﵁، روى البخاري عن أسلم مولى عمر قال: قال عمر ﵁: أما والذي نفسي بيده! لولا أن أترك آخر الناس بيانًا -أي: فقراء- ليس لهم من شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله ﷺ خيبر، ولكن أتركها خزانة لهم يقتسمونها.
فالإمام مالك لا يرى إلا هذا الرأي الأخير فقط، رأي عمر بن الخطاب بأن الأرض تكون لبيت مال المسلمين، ولا تقسم على الفاتحين.
إذًا: الأرض التي فتحت بالإسلام، أصبحت ملكًا للمسلمين، ملكًا أبديًا لا تغيير له ولا تبديل، هذه الحقيقة الفقهية سيترتب عليها أشياء كثيرة هامة: أولًا: هل فتح المسلمون أرض فلسطين كلها، أم فتحوا جزءًا منها؟ فتحوها كلها.
هذا معلوم.
إذًا: أصبحت أرض فلسطين أرضًا إسلامية خالصة منذ أن فتحت ابتداءً من سنة ١٣هـ إلى سنة ١٨هـ، فكل أرض فلسطين من البحر إلى النهر كما يقولون، أي: من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن، ومن لبنان في الشمال إلى رفح وخليج العقبة في الجنوب، أعلم أن هذا في نظر الكثيرين كلام عجيب، وأنه أحلام وأوهام، لكنه شرع الله ﷾، وأبدًا ما كان شرع الله أوهامًا ولا أحلامًا.
ثانيًا: يزداد العجب مع هذا الفقه عندما تنظر حولك في بلاد العالم بحثًا عن البلاد التي فتحت بالإسلام، فأصبحت بحكم الشرع الإسلامي بلادًا إسلامية.
على سبيل المثال: بلاد الأندلس -إسبانيا والبرتغال- ونحن تكلمنا كثيرًا في محاضرات سابقة عن فتح أسبانيا والبرتغال، هذه البلاد حكمت بالإسلام، ثم دارت الدورة وجاءت الدولة لغير المسلمين وانتزعت من أيدي المسلمين بالنصارى، وضاع الحكم الإسلامي هناك، لكن هذا الضياع للحكم الإسلامي في هذه البلاد لم يلغ إسلامية هذه البلاد، بل ستظل إسلامية إلى يوم القيامة.
فمن شرع الله أنه إذا دخل الإسلام بلدًا فلا يجب أن يخرج منها أبدًا، بل وعليه أن يسعى للدخول إلى غيرها، هذه هي الرسالة الخاتمة، والمسلمون هم جند الله الناشرون لها، والمدافعون عنها، والشهداء في سبيلها؛ حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله.
إن الله ﷾ خلق العباد لغاية، قال ﷾ في كتابه الكريم: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦]، فهؤلاء الذين يعيشون في بلاد أخرى غير بلاد المسلمين لا يعبدون الله ﷾، ولا يؤدون ما خلقهم الله لأجله، وبذلك وجب على المسلمين أن ينطلقوا إليهم يعلمونهم هذا الدين، ويدخلونه في بلادهم، ويزيلون الطغمة الحاكمة التي تبعدهم عن شرع الله ﷾، وعن رسالته الخاتمة للبشرية، رسالة رسول الله ﷺ.
كنت أقول هذه المعلومات أمام رجل صديق فقال: يا أخي! وما شأنك أنت؟ اتركه يعبد ما يشاء، ويسجد لمن يشاء.
لا حول ولا قوة إلا بالله العل
2 / 4