Palestina: Para que no sea otra Andalucía

Ragheb El-Sergany d. Unknown
106

Palestina: Para que no sea otra Andalucía

فلسطين حتى لا تكون أندلسا أخرى

Géneros

القناعة بأن الجنة نتيجة مباشرة لإنفاق المال تعالوا نشرب حتى نرتوي من آيات الله ﷿ ومن حديث حبيبه وحبيبنا محمد ﷺ. أولًا: جعل ﷾ الجنة نتيجة مباشرة لإنفاق المال، فعلى سبيل المثال يقول ﷾: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران:١٣٣ - ١٣٤]، أول صفة تذكر للمتقين: (الذين ينفقون في السراء والضراء)، يقول ابن كثير ﵀: أي: في الشدة والرخاء، والمنشط والمكره، والصحة والمرض، وفي جميع الأحوال. ويبدو فعلًا يا إخوة! أننا نعاني من قصور شديد في فهم كنه الجنة، فالجنة كلمة كان لها فعل عجيب في نفوس الصحابة، فكانوا يستعذبون العذاب في سبيلها، ويستمتعون بالموت من أجلها، الجنة كثيرًا ما تتردد على أسماعنا فلا تحدث في قلوبنا ما كانت تحدثه في قلوبهم، ولا بد أن نقف مع أنفسنا لحظات فنسألها: لماذا لا تحدث كلمة الجنة في قلوبنا ما كانت تحدث في قلوب السابقين؟ هذه الآية نفسها سمعها -كما سمعناها الآن- عمير بن الحمام ﵁ وأرضاه في غزوة بدر، فماذا فعلت فيه؟ روى الإمام مسلم ﵀: عن أنس بن مالك ﵁: أن رسول الله ﷺ قال يوم بدر: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، قال: يقول عمير بن الحمام الأنصاري ﵁: يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض؟! -الكلمة أصابت قلبه يا إخوة لا أذنه- قال رسول الله ﷺ: نعم، قال: بخ بخ، فقال رسول الله ﷺ: ما يحملك على قولك: بخ بخ؟ قال: لا والله يا رسول الله! إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها)، ﷺ. فهذه بشرى من الصادق المصدوق ﷺ، (فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن -ليتقوى على المعركة- ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة)، حياة طويلة جدًا، وما هي إلا دقائق تفصله عن الجنة. قال أنس بن مالك: (فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل)، موعده الجنة يا إخوة! فكيف يصبر على الحياة؟! بل تعالوا إلى ما هو في رأيي أشد موقفًا. بيعة العقبة الثانية موقف هائل. روى الإمام أحمد ﵀: عن جابر ﵁ قال: (قلنا: يا رسول الله! علام نبايعك؟)، فتعالوا لنرى بنود بيعة العقبة الثانية ونرى كم هي صعبة وعسيرة وشاقة، يقول رسول الله ﷺ: (على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقوموا في الله لا تأخذكم في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم)، شروط قاسية وخطيرة، وعهد غليظ ومؤكد، وهنا قبل أن يبايعوا كما في رواية ابن إسحاق: يقول العباس بن عبادة بن نضلة ﵁ وأرضاه لقومه ينبههم إلى خطورة البيعة: هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ قالوا: نعم، قال: إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلًا أسلمتموه، فمن الآن، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة، قالوا: فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف. انتبه إلى نهكة الأموال وقتل الأشراف، انظروا إلى المال والنفس وكونهما ركيزتين أساسيتين لابتلاء المؤمن. قالوا: فما لنا بذلك يا سول الله! إن نحن وفينا بذلك؟! يا ترى ما هو الثمن لكل هذه التضحيات النادرة والأحمال الثقيلة، والتبعات العظيمة؟ واسمعوا وانتبهوا يا إخوة! لما قاله ﷺ، قال كلمة واحدة، قال: (الجنة)، قالوا: ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه. يا إخوة! اقرءوا تاريخ الإسلام هل في الدنيا مثل هذا الموقف، باعوا كل شيء باعوا كل شيء يملكونه من نفس ومال وراحة وأمن وأهل وديار، واشتروا شيئًا واحدًا ألا وهو الجنة، نزلت الكلمة بردًا وسلامًا على الأنصار، فاطمأنت القلوب وخشعت الأبصار وسكنت الجوارح، الجنة وما أدراك ما الجنة! روى الإمام مسلم ﵀: عن المغيرة بن شعبة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (سأل موسى ﵇ ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي رب كيف وقد نزل الناس من

9 / 5