On the Threshold of Civilization - A Study of the Norms and Factors of Creation and Collapse
على عتبات الحضارة - بحث في السنن وعوامل التخلق والانهيار
Editorial
دار الملتقى للطباعة والنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Ubicación del editor
سورية
Géneros
(١) تؤمن الحضارة الإسلامية بفكرة المجدد الذي ينبعث على رأس كل قرن ليجدد للأمة دينها، ولا فرق في أن يكون المجدد فردًا أو جيلًا أو قومية أو مجموعة أفراد، وذلك يختلف تمامًا عن الاعتقاد بفكرة المخلِّص أو المنقذ، لأن فكرة المجدِّد هي تقرير لقانونٍ ومبادرةٌ، أما المخلِّص فهو حُلُم واستسلام وسلبية. (٢) في الحضارة الإسلامية واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مُعلَّق برقبة كل فرد في الأمة، تنهض به العامّة تمامًا كما تنهض به الخاصة، فقد قال ربنا جل وعلا: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"، (التوبة/٧١)، أما المنافقون والمنافقات فـ"بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف"، (التوبة/٦٧). وقد مارس هذا الواجب أوائل المسلمين، ولم يكلوه إلى فئة منهم، فقد كان مما خطب به أبو بكر الصديق ﵁ يوم السقيفة قوله: " .. فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني .. لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قطّ إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم"، السيوطي: تاريخ الخلفاء، ص٥٧. وقد رخّص الله تعالى في حال القوة والتماسك وغلبة الإيمان أن تنهض بعبء الإصلاح طائفةٌ من الأمة (آل عمران/١٠٣ - ١٠٤)، فإذا ما انتكست الأمة إلى الخلاف، وعمّها المنكر، لزمت أمانةُ الإصلاح عامةَ الأمة وخاصَّتها، وقد روى الترمذي عن رسول الله ﷺ أنه قال: "والذي نفسي بيده لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهَوُنّ عن المنكر، أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم". الترمذي: السنن، ص٤٩٠. وكان رسولنا الكريم ﷺ قد صرّح بأن استنكار المنكر في القلب وحده دليل على ضعف الإيمان ..
1 / 71