نزول القران الكريم وتاريخه وما يتعلق به
نزول القران الكريم وتاريخه وما يتعلق به
Editorial
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
Géneros
آيات" أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس، وعن خالد بن دينار قال: "قال لنا أبو العالية تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات فإن النبي ﷺ كان يأخذه من جبريل خمسًا أخرجه البيهقي" ١.
٣- من الحكم كذلك التدرج في تربية الأمة دينيا وخلقيا واجتماعيا وعقيدة وعلمًا وعملا وهذه الحكمة أشار إليها القرآن في قوله ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ (الإسراء: ١٠٦)
لقد تدرج القرآن الكريم في انتزاع العقائد الفاسدة والعادات الضارة والمنكرات الماحقة، فقد بعث النبي ﷺ إلى قوم يعبدون الأصنام ويشركون بالله، ويسفكون الدماء، ويئدون البنات ويشربون الخمر ويقتلون النفس لأتفه الأسباب، ويفعلون القبائح ومعلوم أن النفس يشق عليها ترك ما ألفته وتعودته مرة واحدة كما يصعب رجوعها وإقلاعها عما اعتقدته بمجرد النهي عنه للعقائد والعادات سلطان على النفوس، والناس أسراء ما ألفوا ونشأوا عليه، فلو أن القرآن نزل جملة واحدة، وطالب بالتخلي عما هم منغمسون فيه من الكفر والجهل والمنكرات مرة واحدة لما استجاب إليه أحد.
لذلك اقتضت حكمة الله أن يتدرج القرآن في انتزاع العقائد الفاسدة فينهى أولا عن عبادة غير الله فإذا ما أقلعوا عنه، أخذ في النهي عن منكر آخر وهكذا تدرج القرآن معهم في انتزاع المنكر الواحد كما حدث في تحريم الخمر فقد نزل فيه أول ما نزل ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ فشربها قوم وتركها آخرون ثم إن بعض المسلمين صنع طعامًا ودعا أصحابه فأكلوا وشربوا ثم قام أحدهم ليصلي بهم فقرأ: قل يا
_________
١ -الإتقان ١/١١٦ وما بعدها مباحث في علوم القرآن ١/١٠٠ فما بعدها.
1 / 33