[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم [ق 2 أ]
الحمد لله الذي عرف وفهم، وعلم الإنسان ما لم يكن يعلم واسبغ (1) علي عباده نعما باطنه وظاهره، ووالي عليهم من مزيد الائه مننا متظافرة متواترة، وبثهم في أرضه حينا يتقلبون، واستخلفهم في ماله فهم به يتنعمون، وهدي قوما إلي اقنتاص شوارد (2) المعارف والعلوم، وشوقهم للتفنن في مسارح التدبر والركض (3) بميادين الفهوم، وأرشد قوما إلى الانقطاع من دون الخلق إليه، ووفقهم للاعتماد في كل أمر عليه، وصرف أخرون عن كل مكروه وفضيلة، وقيض لهم قرنا قادوهم إلى ذميمة من الأخلاق ورذيلة، وطبع على قلوب أخرين، فلا يكادون يفقهون قولا، وثبطهم عن سبل الخيرات فما استطاعوا قوة ولا حولا، ثم حكم على الكل بالفناء، ونقلهم جميعا من دار التمحيص (4) والإبتلاء إلى برزخ (5) البيود والبلاء، وسيحشرهم أجمعين إلى دار الجزاء، ليوفى كل عامل منهم عمله، ويسأله عما أعطاه وخوله، وعن موقفه بين يديه سبحانه وما أعدله لا يسأل عما يفعل [ق 2 ب] وهم يسألون.
أحمده سبحانه حمد من علم، أنه إله لا يعبد إلا إياه، ولا خالق للخلق سواه، حمدا يقتضى المزيد من النعماء ويوالى المنن بتجدد الآلاء. وصلى الله على سيدنا محمد عبده ونبيه ورسوله وخليله سيد البشر، وأفضل من مضي وغبر، الجامع لمحاسن الأخلاق والسير،
Página 9