قال: فهل يقتل قومه؟
قال: نعم.
قال: صفه لي.
قال: فوصفه بصفة من صفاته (١).
قال: بقيت أشياء لم أرك ذكرتها. أفي عينيه حمرة قلّ ما تفارقه، وبين كتفيه خاتم النّبوّة، [و] يركب الحمار، ويلبس الشملة (٢)، ويتحرّى (٣) بالثمرات والكسر من الخبز، لا يبالي بمن لاقا (٤) من عمّ ولا ابن عمّ.
قال حاطب: هذه صفته.
قال: قد كنت أعلم أنّ نبيّا قد بقي، وقد كنت أظنّ أنّ مخرجه من الشام، وهناك مخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج من الحجاز، وفي العرب، وهي أرض جهد وبؤس. والقبط لا تطاوعني في اتّباعه، ولا أحبّ [أن] (٥) يعلم أحد بمحاورتي (٦) إياك إليّ، وسيظهر على البلاد، وينزل أصحابه من بعده بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما هاهنا، وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا، فارجع إلى صاحبك.
وكتب له جوابا:
«لمحمد بن عبد الله ﷺ من المقوقس عظيم القبط. سلام.
أمّا بعد. قد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرته وما تدعوا (٧) إليه، وقد علمت [أنّ] (٨) نبيّا قد بقي، وقد كنت أظنّه أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين، وكسوة (٩)، وأهديت لك بغلة أن تركبها، وحمارا. والسلام» (١٠).
ثم سرّحه إلى رسول الله ﷺ.
فكانت الجاريتين (١١) إحداهما: مارية أمّ إبراهيم، والأخرى: ريحانة، وهبها
_________
(١) في فتوح مصر زيادة: «لم آت عليها».
(٢) انظر عن «الشملة» في قاموس الألبسة عند العرب، لدوزي ٥٩ و٢٣٢.
(٣) في فتوح مصر: «ويجتزئ».
(٤) الصواب: «لاقى».
(٥) إضافة على الأصل.
(٦) في الأصل: «بمحاوتي».
(٧) الصواب: «تدعو».
(٨) إضافة على الأصل.
(٩) في فتوح مصر: «وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة».
(١٠) فتوح مصر ١/ ١١٧، ١١٨.
(١١) الصواب: «فكانت الجاريتان».
1 / 68