ما شأنها؟
ما ذنبها؟ إنها شابة وتريد أن تصبح أما.
فليكن إذن أبو ابنها غير هذا الكهل الذي هو أنا.
الخطأ يبدأ يوم تزوجتها.
إذن.
لا سبيل لي إذن. لقد أخطأت وعلي وحدي - يا ليت علي وحدي - يقع العبء، وإنما ولدي هو الذي سيحمل العبء، ولا ذنب له فيه. ولا حول ولا قوة إلا بالله!
الفصل الرابع عشر
نظرت شهيرة إلى ابنتها طويلا. لم تكن تدري لهذه النظرة سببا، وإنما هي ألقت عينها على بهيرة ثم ثبتتها ، يحسب من يراها أنها نظرة بلهاء خالية من أي معنى، إلا أن نظرها اتجه إلى هذا المتجه ثم شرد ذهنها وهي في هذه اللحظة، ولكن لو انزاحت عن الإنسان فيها ما يتغلف به الإنسان من أسرار لرأينا في جوانحها هلعا على ابنتها، أو إذا شئت الدقة في التعبير - وما لك لا تشاء، ما دمت قد التزمت أنا أن أقص عليك، وأن أكون دقيقا حين أخاطبك - كان هلع شهيرة على نفسها لا على ابنتها. لقد قبلت زواجها من سامي وحسبت أن الزوج بلا شخصية هو أصلح زوج لها، ثم ما لبثت أن تبينت أن الزوج بلا شخصية لا يصلح للحياة مطلقا؛ فهو ما يلبث مع الأيام أن يصبح شيئا بلا طعم ولا لون ولا رائحة، قد يكون مريحا لزوجته، ولكنها تلك الراحة التي تسعد بها المرأة من خادم في البيت، وتشقى بها غاية الشقاء من زوج يفترض المجتمع أن يكون هو السيد.
وسامي مسكين، لا يستطيع أن يكون سيدا أبدا، فالسيد لا بد أن يكون مهيأ بخلقه الشخصي، أو بما له، أو بهما جميعا.
يمكن أن يكون السيد سيدا أو رجلا ذا وجود، إذا كانت الطبيعة قد وهبت له هذا السر العجيب الذي يجعل الإنسان معتزا بأنه إنسان، وبأن الله كرمه على العالمين؛ فلا ينبغي له أن يذل الإنسان الذي كرمه الله فيه.
Página desconocida