فقلت بأربعين فقال أحسن ... إلي فإن مثلك ذو سجال
فأترك خمسة منها لعلمي ... بما فيه بصير من الخبال
فلما ابتاعها مني وبت ... له في البيع غير المستعال
أخذت بثوبه أبرأت مما ... أعد عليه من سوء الخلال
برأت إليك من مشتى يديها ... ومن جرذ ومن بلل المخالي
ومن فتق بها في البطن ضخم ... ومن عقالها ومن انفتالي
ومن قطع اللسان ومن بياض ... بعينيها ومن قرض الحبال
وأفطى من فريخ الذر مشيًا ... بها عرن وداء في سلال
وتكسر سرجها أبدًا شماسًا ... وتقمص للأكاف على اغتيال
ويدبر ظهرها من مس كف ... وتهرم في الجعام وفي الجلال
تظل لركبة منها وقيذًا ... يخاف عليك من روم الطحال
ومشغار تقدم كل سرج ... تصير دفتيه على القذال
وتخفى لو تسير على الحشايا ... ولو تمشي على دمث الرمال
وترمح أربعين إذا وقفنا ... على أهل المجالس للسؤال
فتقطع منطقي وتحول بيني ... وبين حديثهم فيما توالي
وتذعر للدجاجة إذ تراها ... وتنفر للصفير وللخيال
فأما الاعتلاف فأدن منها ... من الأتبان أمثال الجبال
وأما القت فات بألف وقر ... كأعظم حمل أحمال الجمال
فلست بعالف منه ثلاثًا ... وعندك منه عود للخلال
وإن عطشت فأوردها دجيلًا ... إذا أوردت أو نهري بلال
فذاك لريها سقيت حميمًا ... وإن مد الفرات فللنهال
وكانت قارحًا أيام كسرى ... وتذكر تبعًا عند الفصال
وقد دبرت ونعمان صبي ... وقبل فصاله تلك الليالي
وتذكر إذ نشا بهرام جور ... وعامله على خرج الجوالي
وقد مرت بقرن بعد قرن ... وآخر عهدها لهلاك مالي
فأبدلني بها يا رب طرفًا ... يزين جمال مركبها جمالي
ثم إنه أنشدها للمهدي، فقال له: قد أقلت من بلاءٍ عظيم، فقال: والله يا أمير المؤمنين لقد مكثت شهرًا أتوقع صاحبها أن يردها علي، فقال المهدي لصاحب دوابه: خيره بين مركبين في الإصطبل، فقال إن كان الاختيار إلي فقد وقعت في شر من البغلة، ولكن مره يختر لي ففعل.