كالرائح النشوان أكثر مشيه ... عرضًا على السنن البعيد الأطول
ذهب الأعالي حيث تذهب مثلة ... فيه بناظرها حديد الأسفل
صافي الأديم كأنما عنيت به ... لصفاء نقبته مداوس صيقل
وكأنما نفضت عليها صبغها ... صهباء للبردان أو قطربل
لبس القنو مزعفرًا ومعصفرًا ... يدمي فراح كأنه في خيعل
وكأنما كسي الخدود نواعمًا ... مهما تواصلها بلحظ تخجل
وتراه يسطع في الغبار لهيبه ... لونًا وشدًّا كالحريق المشعل
وتظن ريعان الشباب يروعه ... من جنة أو نشوة أو أفكل
هزج الصهيل كأن في لهواته ... نغمات معبد في الثقيل الأول
ملك العيون فإن بدا أعطيته ... نظر المحب إلى الحبيب المقبل
وقال يمدح محمد بن طاهر:
أراجعتي يداك بأعوجي ... كقدح النبع في الريش اللوام
بأدهم كالظلام أغر يجلو ... بغرته دياجير الظلام
تقدم في العنان فمد منه ... وضبر فاستزاد من الحزام
ترى أحجاله يصعدن فيه ... صعود البرق في الغيم الجهام
وما حسن بأن تهديه فذًا ... سليب السرج منزوع اللجام
فأتمم ما مننت به وأنعم ... فما المعروف إلا بالتمام
وقال آخر:
أدهم مصقول سواد الحقم ... قد سمرت جبهته بالنجم
وقال ابن نباتة:
وأدهم يستمد الليل منه ... ويقطع بين عينيه الثريا
سرى خلف الصباح يطير زهوًا ... ويطوي خلفه الأغلاس طيا
فلما خاف وشك الفوت منه ... تشبث بالقوائم والمحيا
وقال يمدح سيف الدولة ابن حمدان حيث أعطاه فرسًا أدهم أغر محجلًا:
يا أيها الملك الذي أخلاقه ... من خلقه ورواؤه من رأيه
قد جاءنا الطرف الذي أهديته ... هاديه يعقد أرضه بسمائه
أولايةً أوليته فبعثته ... رمحًا سبيب العرف عقد لوائه
يختال منه على أغر محجل ... ماء الدياجي قطرة من مائه
فكأنما لطم الصباح جبينه ... فاقتص منه فخاض في أحشائه
متمهلًا والبرق من أسمائه ... متبرقعًا والحسن من أكفائه
ما كانت النيران يكمن حرها ... لو كان للنيران بعض ذكائه
لا تعلق الألحاظ في أعطافه ... إلا إذا كفكفت من غلوائه
لا يكمل الطرف المحاسن كلها ... حتى يكون الطرف من إسرائه
وقال أبو العلاء المعري:
وبعيدة الأطراف زعن بماجد ... يردين فوق أساود لم تطعم
ترعى خوافي الربد في حجرتها ... سغبًا وتعثر بالغطاط النوم
يجمعن أنفسهن كي يبلغن ما ... يهوى، فمجفرهن مثل الأعظم
ضمرت وشزبها القياد فأصبحت ... والطرف يركض في مساب الأرقم
من كل معطية الأعنة سرجها ... ترقى فوارسها إليه بسلم
غراء سلهبة كأن لجامها ... نال السماء به بنان الملجم
ومقابل بين الوجيه ولاحق ... وأفاك بين مطهم ومطهم
صاغ النهار حجولة فكأنما ... قطعت له الظلماء ثوب الأدهم
قلق السماك لركضه ولربما ... نفض الغبار على جبين المرزم
مثل العرائس ما انثنت من غارة ... إلا مخضبة السنابك بالدم
سهرت وقد هجع الدليل بلابس ... برد الحباب مقيد فعل الضيغم
أدمت نواجذها الظبا فكأنما ... صبغت شكائمها بمثل العندم
وبنت حوافرها قتامًا ساطعًا ... لولا انقياد عداك لم يتهدم
باض النسور به وخيم مصعدًا ... حتى ترعرع فيه فرخ القشعم
وسم إلى حوض الغمام فماؤه ... كدر بمنهاك الغبار الأقتم
جاءت بأمثال القداح مفيضة ... من كل أشعث بالسيوف موسم
فوجدن أمضى من سهام الترك إذ ... نفضت وأنفذ من حراب الديلم
حتى تركن الماء ليس بطاهر ... والترب ليس يحل للمتيم
المجفر: عظيم الجنبين، والأهضم: ضده، والتشزيب: معالجة الخيل حتى تضمر ويقل لحمها، ومعطية الأعنة: المنقادة لراكبها، والسلهبة: السريعة الطويلة، والمقابل: ما كان كريم الجدين، والوجيه واللاحق: فحلان معروفان ينسب إليهما كرائم الخيل، والمطهم: ما حسن منه كل شيء مقابل.
وقال:
وخيل لو جرت والريح شأوًا ... ظننا الريح أوثقها إسار
1 / 25