ومنها: أن الأتراك أرادوا غزو الإمام عليه السلام إلى جهة برط من صعدة مرة أخرى، وبلغ خبرهم إلى الإمام عليه السلام فوقع معه عليه السلام من ذلك كرب عظيم لما كان قد عرف من تغيير كثير من القبائل ولما قد جرى عليه وعلى أصحابه في المرة الأولى من التعب والخوف الشديد في القفار فالتجأ عليه السلام إلى الله سحانه وتعالى ودعا إليه وهو في موضع قفر يسمى رسب، فاستجاب الله سبحانه دعاه، فوصل الأتراك إلى موضع يسمى الصدارة من بلاد آل سالم ولم يبق بينهم وبين الموضع الذي فيه الإمام عليه السلام إلا مقدار سير نصف يوم، وألقىالله في قلوبهم الرعب والعداوة لأميرهم الذي أرسلهم من صعدة، ورجعوا إلى صعدة [ق/28] عازمين على قتل أميرهم الذي يسمى الأمير محمد، وكان معهم من أشراف الجوف الحمزيين الأمير هادي بن جمعان الحمزي، فلما علم هذا الشريف المخذول بمقصدهم سبقهم إلى الأمير بصعدة، فأخبرهم بخبرهم، واحترز الأمير محمد منهم، وكان دعاء الإمام عليه السلام وقت العشاء ورجوعهم إلى صعدة وقت السحر، وهذه القضية قد أشرنا إليها، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
ومنها: خروجه إلى وادعة المرة الأخرى في وقت قوة الأتراك وتملكهم للبلاد كلها مع كثرة محاطهم، وعساكرهم في جميع الجهات، فوثب بنفسه إلى وادعة، فنصره الله سبحانه وتعالى وألقى في قلوب أهل وادعة الإنقياد له، ثم يسر الله سبحانه أسباب موالاة عبد الرحيم وغير ذلك من الأسباب الموجبة لنصرته، وعلو كلمته عليه السلام.
Página 271