وأما الذين يطلبون صلاح دنياهم فاعلموا أرشدكم الله أنه بلغنا عن أمير المؤمنين كرم الله وجهه في الجنة أنه قال: (ما ترك الناس شيئا من دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أشد) وقد عرفتم هذه الدولة وعدم وفائها بالعهود وكيف طلبت من القبايل مطالب ثلاث سنين أو أكثر من ذلك، ثم لا يزالون ينقلبون عليهم ويأخذونهم واحدا واحدا، وشيئا وشيئا، ويقربون لكم البعيد حتى تقعوا في أيديهم ولولا بركاتنا أيها الناس لقد ساموكم الخسوف، وقتلوا خياركم[ق/14]، ونهبوا أموالكم ووالله يمين قسم لئن لم تتوبوا وتفروا منهم ليسلطنهم الله عليكم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم، ثم لا تجدون في السماء عاذرا، ولا في الأرض ناصرا مع ما أعد الله لكم لأجل محبتكم لدنياكم، وإيثاركم لها من العذاب الأليم حيث يقول تعالى: {فأما من طغى، وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى} ومعنى طغى: عصى الله بمعاونة الظالمين وغير ذلك من المعاصي، وآثر الحياة الدنيا: يعني على الآخرة، فإن الجحيم هي المأوى، وحيث يقول تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} فأف لمن خسر الدنيا والآخرة بتسليط الظالمين عليه بسبب معونته لهم بتسليم الأموال إليهم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
Página 243