اللباب في علوم الكتاب
اللباب في علوم الكتاب
Investigador
الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٩ هـ -١٩٩٨م
Ubicación del editor
بيروت / لبنان
Géneros
ومنه: العَبْدُ؛ لِذلَّتِهِ، وبَعيرٌ معبَّدٌ: أَيْ مُذلَّلٌ بِالقَطْرَان.
وقيل: العبادةُ التَّجَرُّدُ، ويُقالُ: عَبَدْتُ اللهَ - بالتخفيف فقط - وعَبَّدْتُ الرجل - بالتشديدِ فقط، أَيْ: ذللتُه، واتخذتُه عبدًا.
وفي قوله تعالى: «إيَّاكَ نَعْبُد» التفاتٌ مِنَ الغَيْبَةِ إلى الخِطَابِ، إِذْ لو جرى الكلامُ على اصله، لَقِل: الحمد لله، ثم قيل: إيَّاهُ نَعبدُ، والالتفاتُ: نوعٌ مِن البلاغَةِ.
قال ابنُ الخَطيب ﵀: والفائدةُ في هذا الالتفاتِ وجوه:
أحدُها: أن المصلِّي كان أَجْنَبِيًَّا عند الشروعِ في الصَّلاةِ، فلا جَرَمَ أَثْنَى على الله - تعالى - بألفاظ الغيبة، إلى قوله: «يَوْمِ الدِّينِ»، ثم إنه تعالى كأنه قال له: حَمَدْتَنِي وأَقْرَرْتَ بكونِي إلهًا، ربَّا، رحمانًا، رحيمًا، مالكًا ليوم الدين، فَنَعْمَ العبْدُ أنت، فرفعنا الحجابَ، وأبدلنا البُعْدَ بالقُرْبِ، فتكلّم بالمخاطبة وقل: إياك نعبد.
الثاني: أنّ أحسنَ السؤالِ ما وقع على سبيلِ المُشَافَهَةِ، [والسبب فيه أن الردَّ مِنَ الكريمِ إذا سُئِلَ] على سبيل المشَافهة والمخاطبة بَعِيدٌ.
ومن الالتفاتِ - إلاّ كونه عَكْسَ هذا - قولُه ﵎: ﴿حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم﴾ [يونس: ٢٢] ولم يَقُلْ: «بكم»؛ وقد التفتَ امرؤ القَيْسِ ثَلاثَ التفاتاتٍ في قوله: [المتقارب] .
٦٧ - تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بَالأَثْمُدِ ... وَنَامَ الخَلِيليُّ وَلَمْ تَرْقُدِ
وَبَاتَ وبَاتَتْ لَهُ لَيْلَةٌ ... كَلَيْلَةٍ دِي العَائِرِ الأرْمَدِ
وَذَلِكَ مِنْ نَبَأٍ جَاءنِي ... وَخُبِّرْتُهُ عَن أَبِي الأَسْوَدِ
وقد خطَّأَ بعضُهم الزمخشريَّ - رَحِمَهُ اللهُ تعالى - في جَعْلِهِ هذا ثَلاثةَ التفاتَاتٍ، وقال: بل هما التفاتان:
أحدُهما: خُروجٌ مِنَ الخِطابِ به في قولِهِ: «لَيْلُك»، إلى الغَيْبَةِ في قوله: «وبَاتَتْ له لَيْلَةٌ» .
والثاني: الخروجُ من هذه الغيبةِ إلى التكلِّم، في قولِه: «مِنْ نَبَأ جَاءَنِي وخُبِّرْتُهُ» .
1 / 198