بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله سبحانه على نعمه الباطنة والظاهرة. وأسأله الصلاة على سيدنا محمد وآله الغرة الطاهرة. وأصحابه العصبة الزاهرة. وأجدد حمدي على ما جبلني عليه من تتبع آثار العلماء. واقتفاء سنن الأدباء. وكنت في أيام الوالد ﵀ أرى تردد الفضلاء إليه. وتهافت الأدباء عليه. ورأيت الشيخ شرف الدين أحمد بن يوسف بن أحمد التيفاشي العبسي في جملتهم وأنا في سن الطفولة لا أدري ما يقولونه. ولا أشاركهم فيما يلقونه. غير أني كنت أسمعه يذكر للوالد كتابًا صنفه أفنى فيه عمره. واستغرق دهره. وإنه سماه (فصل الخطاب في مدارك الحواس الخمس لأولي الألباب). وأنه لم يجمع ما جمع فيه كتاب. وكنت على صغر السن أنكر تجاسره على هذا الاسم الذي عده الله ﷿ من النعمة. ومنَّ على نبيه بأنه أتاه فصل الخطاب مع الحكمة. وكنت شديد الشوق إلى الوقوف عليه. وتوفي الوالد ﵀ في سنة خمس وأربعين وستمائة وشغلت عن الكتاب وتوفي شرف الدين التيفاشي بعده بمدة فلما ذكرته بعد سنين وقد جاوزت الستين تطلبته من كل جهة. ورمته من كل وجهة. فلم أجد من يدلني عليه. ولا من يذكر أنه نظر إليه. فبذلت
1 / 2
الجهد في طلبه إلى أن ظفرت به عند شخص من أصحابه. فسعيت إلى بابه. وبذلت له جملة لم تكن في حسابه. فلم يسمح لي مع فقره ببيع ولا عارية. ولا استحسنت تملكه باليد العادية. وعدت إلى طلبه منه. واستعنت عليه بمن لا غنى له عنه. فلم يفد فيه سؤال ولا شفاعة. ولم يعط لنا فيه طاعة. إلى أن قدر الله تعالى تملكه في سنة تسعين وستمائة فرأيته مجردًا في مسودات وحرارات. وظهور وتخريجات. وقد جعله من تجزئة أربعين جزءًا لم أجد منها سوى ستة وثلاثين ربطة وهو في غاية الاختلال لسوء الحظ. وعدم الضبط. ولو لم يكن تكرر وقوفي على خطه في زمن الوالد وعرفت اصطلاحه في تعليقه لما قدرت على قراءة حرف منه غير أني عرفت طريقته في خطه واصطلاحه. وتحققت فساده من صلاحه. ووقفت منه على أوراق مفرقات ومفردات. وحرارات تفعل في مطالعها ما لا تفعل الزجاجات. فضممت ما وجدت منه بعضه إلى بعض. وأحرزته بتجليده من الأرضة والقرض. ورأيته قد جمع فيها أشياء لم يقصد بها سوى تكبير حجم الكتاب. ولم يراع فيه التكرار ولا ما تمجه أسماع ذوي الألباب. فاستخرت الله في تعليق ما يختار منه. ورغبت في إبرازه إلى الوجود فإن ما ذكرت بخطه لا يفهم أحد شيئًا عنه. فأخذت زبده. ورميت
زَبَدَه. وأوردت مكرره. وتركت مكرره. وبذلت في تنقيحه جهدي. وجعلته سميري أوقات هزلي وجدي. فإنه روضة المطالع. ونزهة القلوب والمسامع. ويسر به الخاطر. ويقربه الناظر. وإلى الله الرغبة في الصفح عن مصنفه وعني. والعفو عما صدر منا فإن العفو غاية التمني. وسميت هذا الكتاب (نثار الأزهار في الليل والنهار وأطايب الأصايل والأسحار وسائر ما يشتمل عليه من كواكبه الفلك الدوار) وجعله
1 / 3
أبوابًا عدة جمعت أنا جميع ما فيه في عشرة أبواب.
(الباب الأول) في الملوين الليل والنهار
(الباب الثاني) في أوصاف الليل وطوله وقصره واستطابته والاغتباق ومدحه وذم الاصطباح
(الباب الثالث) في الاصطباح ومدحه وذم شرب الليل وإيقاظ النديم للاصطباح
(الباب الرابع) في الهلال وظهوره وامتلائه وكماله والليلة المقمرة
(الباب الخامس) في انشقاق الفجر ورقة نسيم السحر وتغريد الطير في الشجر وصياح الديك
(الباب السادس) في صفات الشمس في الشروق والضحى والارتفاع والطفل والمغيب والصحو والغيم والكسوف
(الباب السابع) في جملة الكواكب وأحاديثها المشهورة
(الباب الثامن) في آراء المنجمين والفلاسفة الأقدمين في الفلك والكواكب
(الباب التاسع) في شرح ما يشتمل عليه من أسماء الأجرام العلوية وما يتصل بها واشتقاقه
(الباب العاشر) في تأويل رؤيا الأجرام العلوية وما يتعلق بها في المنام على مذهب حكماء الفلاسفة والإسلام
الباب الأول
في الملوين الليل والنهار
في التنزيل الحكيم (وآية لهم الليل والنهار نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد
1 / 4
كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)، الليل والنهار يسميان الملوين، ويسميان الجديدين والأجدين والعصرين والقرنين والبردين والأبردين والخافقين والدائرين والحاذقين والخيطين وهما رنمتا الدهر وابنا سبات، وذكر أبو العلا المعري الحرسين والحرس الدهر ولم يسمع مثنى إلا في قوله
ويحق في رزء الحسين تغير الحرسين بله الدر في الأصداف.
وجمع الحرس أحرس وقد يجمع ما لا يتنى ويثنى ما لا يجمع وما ذكر من مثنى في هذا الباب مسموع لا مقيس، وسيما ملوين لأنهما يملأن الأفاق نورا وظلمة (كذا) وسميا جديدين لتجددهما بالضياء والإظلام على الدوام وسمي النهار نهارا لظهور ضوء الفجر يجري كالنهر من المشرق إلى المغرب معترضا حتى يأتي الليل فيقول هو هو ثم يقول لا لا بها والنهار ضد الليل ولا يجمع كما لا يجمع العذاب والسراب فإن جمعت قلت في قليله أنهر وفي الكثير نهر (بالضم) والنهار ذكر الحباري، وقوله نسلخ منه النهار أي ننزع عنه الضوء فيظهر سواده لأن أصل ما بين السماء والأرض من الهواء الظلمة والنهار في اللغة الضوء والليل الظلمة والشمس تجري مجرى الشمس سيرها على عكس دور الفلك فتقطع الفلك في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم وجزء من أربعمائة جزء من يوم عند أهل الهند وعند أهل الروم في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما إلا جزءا من ثلاثمائة جزء من يوم لمستقر أي محل استقرار الليل والنهار على الاستواء واعتدال الزمان عند حلول أول نقطة الحمل وقيل استقرارها استعلاؤها على جانب الشمال عند نهاية طول النهار في الأقاليم السبعة المائلة نحو الشمال عن الخط الاستواء فتطول اليوم في الإقليم الأول ثلاث عشرة
1 / 5
ساعة ونصف الساعة إلى أن تنتهي في الأقاليم السابع ست عشرة ساعة تتفاوت نصف ساعة بين كل إقليمين حسب بعد الأقاليم من خط الاستواء نحو الشمال وقربها منه. وقيل لمستقر لها أي محل شرف لها في الدرجة التاسعة عشر من الحمل عند ظهور أثرها في
نفي آثار الشتاء واعتدال الزمان والهواء ومحل رفعه في أوجها يعني الحورا عند استقامة الحر وبدء وبدء الثمار وتمام الرياحين أو محل قوة لها في بيتها يعني الليل عند أدراك الزروع وبيع الثمار وقيل لمستقر لها أي محل استقرار الدور واستقرار الدور واستمرار السير على الاستقامة من غير رجعة وانعكاس كالخمسة المتحيرة (أعني زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد)، والقمر قدرناه منازل يعني منازلة الثمانية والعشرين المعروفة وهي: السرطان البطن الثريا الدبران الهنعة الذراع النترة الطرف الجرع الزبرة الصوفا العوا السماك الغفر الزبانان الأكليل القلب الشولا النغائم البلدة سعد الذابح سعد بلع سعد الأخبية الفرع المقدم الفرع المؤخر بطن الحوت وهذه المنازل مقسومة على البروج الاثني عشر لكل نرج منها منزلتان وثلث منزلة بالتقريب فينزل القمر كل يوم منزلا حتى إذا أجتمع مع الشمس في منزل انتقص الهلال في ثاني ذلك المنزل كالعرجون القديم، وقيل قدرناه منازل أي قدرنا نوزه في منازل فيزيد في مقدار النور كل يوم في المنازل الاجتماعية وينقص في منازل الاستقبالية. وقيل أي جعلنا أجزاء جرمه منازل لعكس أنوار الشمس فإن جرم القمر مظلم ينزل فيه النور بقبوله عكس ضياء الشمس مثل المرآة المجلوة إذا قوبل بها الشعاع تضاحل إلى الظل فيضرب بالنور المقبول عليه وكذا القمر يقبل نور الشمس ويؤديه إلى الأرض ولا يزال نصف القمر مقابلا للشمس ونصفه غائبا عنها فعند اجتماع الشمس يكون نصفه النير يلي الشمس مضيئا كله فيظلم
1 / 6
نصفه الذي يلي الأرض فإذا جاوزها ليلة الاستهلال أنحرف عن موازاتها قالت الظلمة من النصف الأسفل إلى النصف الأعلى بقدر ما ينجلي منها ليلة الهلال كالعرجون القديم لا يزال ينحرف عنها حتى يبدر عن الشمس نصفه الأعلى ويقابلها نصفه الذي على الأرض عند الامتلاء وهو الاستقبال فيأخذ النور في الاستقبال من نصفه الأسفل إلى نصفه الأعلى حتى ينتهي إلى الاجتماع، ويدور الشمس والقمر على جانب من الأرض إلا ليلة الخسوف تحول الأرض بينهما فتحجب القمر عن الشمس فيخسف بظل الأرض. وقوله ﷿ لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر أي لا يمكنها أن تدرك القمر في سرعة سيره لأن دائرة فلك القمر في فلك عطارد وفلك عطارد داخل في فلك الزهرة وفلك الزهرة داخل في فلك الشمس فإذا كان طريق الشمس أبعد قطع القمر جميع أجزاء فلكه أعني البروج الاثني عشر في زمان تقطع
الشمس برجا واحدا من فلكها وقيل لم يكن يليق بمصلحة العباد لو جعلت الشمس في سرعة السير كالقمر فإنها لو قطعت الفلك في ثلاثين يوما لدارت الفصول الأربعة في كل شهر واختلت الزروع والثمار واستقامة الأحوال، وقوله ﷿ ولا الليل سابق النهار أي الشمس التي بها الضياء خلقت مضيئة والليل بكرة الأرض التي يغيب ضوء الشمس يطرف منها عن الأرض وهي في بعدها من الأفلاك بعد واحد من جميع الجهات لأنها في العالم بمنزلة الثقل والأفلاك والكواكب في غاية اللطف لما أديرت وقعت كثافة الأرض إلى السفل فإن اللطف يتحرك إلى الأعلى والثقيل الكثيف إلى أسفل فلما دفعت أجرام الفلك عن التراب من جميع النواحي دفعة واحدة اجتمع إلى الوسط وقد جرب ذلك في قنينة ملئت بالماء وألقى فيها حفنة من تراب ثم أديرت بالخرط فبدأت أجزاء التراب
1 / 7
تجتمع من جميع النواحي حتى استمسكت في الوسط فإذا كان الليل بالأرض والأرض تدفع الأفلاك أجزاءها كما ضربن من المثال كان النهار سابقا الليل فذلك قوله ﷿ ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون أي يعومون كلى عكس سير الفلك كالسباحة على خلاف جري الماء وخص الشمس والقمر بالذكر هاهنا وفي سورة الأنبياء لأن سيرها سباحة أبدا على عكس دور الفلك وسمي الخمسة المتحيرة قد يكون موافقا لدور الفلك عند الرجعة والجري للاستقامة والكنوس الدخول تحت الشعاع والاحتراق هذا كلام السجاوندي وقال أبو الحسن الحوفي لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر أي لا يصلح لها أن تدرك القمر فيذهب نوره بضوئها فتكون الأوقات كلها نهارا لا الليل فيها ولا الليل سابق النهار إي يعاقب النهار حتى يذهب ظلمته بضيائه فتكون الأوقات كلها ليلا أي لكل واحد منهما حد لا يتجاوزه إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا. وقال أبو فورك لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر في سرعة سيره لأن سير القمر أسرع من سير الشمس وروي أن ابن عباس قرأ لا مستقر لها أي أنها تجري في الليل والنهار لا وقوف لها ولا قرار، وقال يحيى بن سلام لا تدرك الشمس القمر ليلة البدر خاصة لأنه يبادر بالمغيب قبل طلوعها. والعرجون القديم العذق اليابس إذا استقوس قال وفي استدلال قوم من هذه الآية على أن الليل أصل والنهار فرع طارئ عليه نظر وفي مستقر الشمس أقوال منها أن مستقرها آخر مطالعها في المنقلبين لأنهما نهايتا مطالعها فإذا استقر وصولها كرت راجعة وإلا فهي لا تستقر عن حركتها طرفة
عين، وقال أبو النصر القشيري ولا الليل سابق النهار للتصرف ولتمييز الأوقات ولعلم السنين
1 / 8
والحساب ولا تصير الأوقات كلها ليلا أو نهارا، قال الشيخ شرف الدين أحمد التيفاشي المصنف: (وليس في هذه الأقوال بيان في أن الليل قبل النهار في الوجود أو أن النار قبل الليل وهو محط السؤال) قال: (وأنا أقول أن الليل والنهار لا يخلو إما أن نعتبر وجودهما بالإضافة إلينا أو بالإضافة إلينا أو بالإضافة إلى العالم نفسه فإن كانا بالإضافة إلينا كانا في منزلة المضاف في المنطق كالأب والابن وإذا كانا كذلك لم يكن أحدهما متقدما على الآخر فإنا لا نعرف الليل إلا وقبله نهار ولا النهار إلا وقبله ليل لا يعرف الأب من حيث هو أب إلا ومعه الابن ولا الابن إلا ومعه أب. وسأل الاسكندر بعض الحكماء عن ذلك فقال (هما في دائرة واحدة والدائرة لا يعرف لها أول ولا آخر) وإن اعتبر وجودهما بالإضافة إلى العالم نفسه فلا يخلو أن يكون الاعتبار بالإضافة إلى العالم العلوي وهو من الفلك المحيط إلى مقعر فلك القمر أو إلى العالم السفلي وهو من مقعر فلك القمر إلى كرة الأرض فإن كان بالإضافة إلى العالم العلوي كما أعتبره السجاوندي كان ذلك باطلا إذ العالم العلوي لا ليل فيه ولا نهار إذ لا ظلام يتعاقب عليه فيسمى نوره نهارا بل الأجرام العلوية أجسام شفافة مضيئة نيرة بطبيعتها على الدوام نورا لا ظلمة تشوبه ولا غيمة تتعاقب عليه كما في هذا العالم وإن كنا نرى الشمس والقمر يكسفان عندنا فإنما ذلك لحائل يحول بين أبصارنا في هذا العالم وبين أدراك نوريهما وإلا فهما في عملهما على وتيرة واحدة من النور والضياء والبهجة لا تبديل لها ولا تغيير إلى أن يشاء العزيز القدير، وأن اعتبر وجود الليل والنهار بإضافتهما إلى العالم السفلي وهو من كرة الأرض إلى مقعر فلك القمر كان اعتبارا حقا وهو موضع البحث إلا أنه يجب أن يوجد اسما الليل والنهار هاهنا دالتين على النور والظلمة كما قال الخليل أن الليل عند العرب الظلام والنهار الضوء
1 / 9
حتى لا يكون مدلول أسمي الليل والنهار على ما نفهمه نحن الآن من تعاقب الضياء والظلام عندنا فإن كان ذلك كذلك كان الليل متقدما على النهار بالطبع والذات على رأي المتشرعين والفلاسفة، أما الفلاسفة فإنهم متفقون على أن جميع أجرام العالم شفافة منيرة أو قابلة للنور مؤدية له ما خلا كرة الأرض فإنها كثيفة بذاتها مظلمة بطبيعتها وأن الظلام الموجود في العالم إنما هم منها وإن ذلك ذاتي فيها لا عرض لها بل هو ملازم لها ملازمة الظلام الذاتي
الملازم، قال أبو معشر: (الأرض لما وجدت كانت مظلمة من جميع جهاتها فما قابله منها نور الشمس إلى الجهة الأخرى المظلمة أنارت وأنزاح الظلام إلى الجهة التي كانت مضيئة هكذا على الدوام، وأما المتشرعون فإنهم على اختلاف مللهم متفقون على تقديم الليل على النهار في الوجود وفي نص التوراة في مفتتحها أول ما خلق الله السموات والأرض والأرض كانت تيها تيها وظلام على وجه القمر وأرواح الله مرفوفة على وجه الماء وقال الله يكون نور فكان نور ورأى الله النور حسنا وفصل الله بين النور وبين الظلام فسمى عند ذلك النهار نهارا والظلام ليلا وكان مساء وما يليه وصباح وما يتبعه الجميع يوم واحد هذا نص التوراة وهو تصريح جلي قوله تيهًا تيها أي قاعا صفصفا خالية من العمران والغمر هاهنا الماء، قال الشيخ المصنف: (ومن كتاب فردوس السعة للقيس بن المفرح الطبيب في العلة التي من أجلها خلق الله الظلمة أولا من بعدها النور قال: لأن الفاعل الحكيم شأنه أن يدرج مفعولاته من النقصان إلى الكمال ومثال ذلك تصييره الجنس الآدمي الذي هو علة المخلوقات آخر المخلوقات فالواجب أن تجعل النور
1 / 10
آخر لأنه أشرف من الظلمة ولكيما إذا وجد النور بأن الملائكة الروحانيون به وهو ينظر شريف ما تقدم بخلقه من عظيم أفعاله وكان هذا علة جاذبة لهم إلى حسن الطاعة فالمرئيات في النور بينة جدا ولو خلق الظلمة بعد النور لكان هذا مما يخفي حسن الإنارة ولكيما لا يصير الذي يعتقدون أن هاهنا خالقين متضادين حجة بأن يكون خالق الظلمة إذا كان يضاد خالق النور لما رآه قد خلق النور ضاده بخلق الظلمة) فهذه آراء اليهود والنصارى بعد إيراد أقاويل المسلمين والمتفلسفين، وأما العرب فإنهم متفقون في كلامهم على تقديم الليل على النهار وعلى هذا يؤرخون فيقولون لخمس بقين ولست بقين في الشهر والعلة الموجبة لذلك عندهم أن الشهر إنما تعلم بداءته بالهلال فيكون أوله على ذلك الليل، وفي الحديث صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته وفيه من صام رمضان واتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر فقال ستا ولم يقل ستة فدل على أنه ﷺ جعل بداءة الشهر الليل وإنما أراد بالصيام الأيام إذ الليل لا يصام وفي رواية واتبعه خمسا من شوال ووجه الحديثين أن الحسنة بعشر أمثالها فشهر رمضان بعشرة أشهر والستة التي بعده بستين يوما فذلك عام كامل ومن روى خمسا فالشهر بعشرة والخمسة بعده بخمسين يوما فتبقى عشرة منها ستة أيام تسقط بنقصان
الشهور وأربعة يوم الفطر وثلاثة أيام التشريق، ولأبي منصور صرار معنى مستظرف في تقديم الليل على النهار يصف سوداء
علقتها سوداء مصقولة ... سواد عيني صفة فيها
ما انكسف البدر على تمه ... ونوره إلا ليحكيها
لأجلها الأزمان أوقاتها ... مؤرخات بلياليها
وروى أنه ﷺ قال: (لا تسبوا الليل والنهار ولا الشمس
1 / 11
ولا القمر ولا الريح فإنها ترسل رحمة لقوم وعذابا لآخرين)، وقال ﷺ: (الليل والنهار مطيتان يقربان كل بعيد ويأتيان بكل موعود)، هذا كلام النبوة المشرق بنور المعرفة، وقال بعض الحكماء: الليل والنهار فرسان يركضان بالبسر إلى انقضاء الأعمار، وقال آخر الليل والنهار رحيان لطحن الأعمار وللشيخ المصنف في ذلك:
يا سائلي عن شيب رأسي شيبه ... أسمع جوابي فيه غير معرض
طحنت رحى الملوين عمري وانثنى ... في مفرقي أثر الغبار الأبيض
وللشريف ابن دقرخوان
جيشان مختلفان جيش دجنة ... يتغالبان معا وجيش نهار
والليل يكسو الجو مسحا أسودا ... متحرقا عند الشروق بنار
والصبح مد على النجوم ملاءة ... بيضاء يمنعها عن الأبصار
وفي كتاب كليلة ودمنة مثل أيام العمر ولياليه بغصنين مائلين على فم بئر والإنسان قائم عليهما والليل والنهار بجرذين أبيض وأسود مجدين في قطع الغصنين وهو لاه عنهما.
وقال شاعر في أيام الأسبوع
ما سبعة وكلهم أخوان ... ليس يموتون وهم شبان
لم يرهم في موضع إنسان
وذكر أنه وجد قبل الإسلام بألف عام على حجر مكتوبا في بعض غيران نجد:
جرمان لم يريا معا في منزل ... وكلاهما يجري به المقدار
لو كان شيء يكسوان خلوقه ... ما عاورته الشمس والأمطار
وقال شاعر
فما مقبلات مدبرات تواترت ... مخالفة الأسماء واللون واحد
تصرف في أبنائهن مرارة ... ومنهن حلوات وسحن وبارد
1 / 12
ابن أبي الشبل البغدادي
ما أسود في حضنه أبيض ... وأبيض في حضنه أسود
ما افترقا قط ولا استجمعا ... كلاهما من ضده يولد
أعرابي في الليل والنهار
والليل يطرده النهار ولن ترى ... كالليل يطرده النهار طريدا
فتراه مثل البيت زال بناؤه ... هتك المقوض ستره الممدودا
والمولون يشبهون الليل والنهار بالزنجي والرومي والحبشي والتركي فمن ذلك قول أبي العلاء المعري:
ودانت لك الأيام بالرغم وانضرت ... إليك الليالي فارم من شئت تقصد
فسبع أماء من زغاوة زوجت ... من الروم في نعماك سبعة أعبد
أبو بكر بن اللبانة
يجري النهار إلى رضاك وليلة ... وكلاهما متعاقب لا يسأم
فكأنما الإصباح تحتك أشقر ... وكأنما الإظلام تحتك أدهم
أسعد بن إبراهيم المعري
وقد ذاب كحل الليل في دمع فجره ... إلى أن تبدي الصبح كاللمة الشمطا
كأن الدجى جيش من الزنج نافر ... وقد أرسل الإصباح في أثره القبطا
أحمد بن دراج القسطلي
وليل كريعان الشباب قطعته ... بجهد السرى حتى استشبت ذوائبه
وصلت به يوما أغر صحبتهئ ... غلاما إلى أن طرا بالليل شاربه
الباب الثاني
في أوصاف الليل
وطوله وقصره واستطابته والاغتباق ومدحه وذم الاصطباح
1 / 13
في التنزيل العزيز (ومن شر غاسق إذا وقب) غسق الليل شدة ظلمته ووقب أي دخل قال العسكري: من أتم أوصاف الظلمة الذي ليس في كلام الكثير مثله قوله ﷿ (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها) وقال النبي ﷺ (جنبوا صبيانكم فحمة العشاء) وفحمة الليل أشد ظلمته، ومن أسماء الليل الدجى والدجن والدجية. والكافر سمي كافرا لأنه يستر الأشخاص والكفر بفتح الكاف الستر ومنه اشتق اسم الكافر لأنه يجحد نعمة الله ﷿ ويسترها والكفور القرى النائية عن حواضر المدن لأن ساكنها يغيب عن جمهور الناس ويستر عنهم وفي الحديث: (لا تسكنوا الكفور فإن ساكني الكفور كساكني القبور) وقال الأصمعي: كل ظلماء من الليل حندس والليلة الليلاء الشديدة الظلمة وكذلك الليل الأليل وعسعس الليل اشتدت ظلمته وكذلك أكفهر وأدلهم وليل مكفهر ومدلهم وغيهب وغيهب كل ذلك شديد السواد. سال هشام ابن عبد الله خالد بن صفوان: كيف كان سيرك؟ فقال: (قتلت أرضا عالمها وقتلت أرض جاهلها بينا أنا أسير ذات ليلة إذ عصفت ريح شديد ظلماؤها أطبق سماؤها، وبق سحابها، وتغلق ربانها، فبقيت محر نجما كالأشقر إن تقدم نحر، وإن تأخر عقر، لا أسمع لواطئ همسا، ولا لنابح جرسا، تدلت علي غيومها، وتوارت عني نجومها، فلا أهتدي بنجم طالع، ولا بعلم لامع، أقطع محجة، وأهبط بحجة، في ديمومة قفر، بعيدة القعر، فاليرح تخطفني، والشوك يخبطني، في ريح عاصف، وبرق خاطف، قد أوحشني أكامها، وقطعني سلامها، فبينا أنا كذلك قد ضاقت علي معارجي، وسدت مخارجي، إذ بدا نجم لائح، وبياض واضح، عرجت إلى أكام محر ذيله فإذا أنا بمصابيح هذه فقرت العين، وانكشف الرين)
1 / 14
فقال هشام: (لله درك! ما أحسن وصفك) ومن أحسن ما جاء في الليل قول ذي الرمة:
وليل كجلباب العروس أدرعته ... بأربعة والشخص في العين واحد
أخذه ابن المعتز فقال: وليل كجلباب الشباب قول العسكري: جلباب العروس أطرب من
جلباب الشباب، وقال العلوي:
ورب ليل بانت عساكره ... تحمل في الجو سود رايات
لامعة فوقها أسنتها ... مثل الأزاهير وسط روضات
ومن حسن الاستعارات في الليل قول عبد الصمد بن المعذل:
أقول وجنح الدجى ملبد ... ولليل في كل فج يد
ونحن ضجيعان في مجسد ... فلله ما ضمن المجسد
أيا ليلة الوصل لا تنفدي ... كما ليلة الهجر لا تنفد
ويا غد إن كنت لي راحما ... فلا تدن من ليلتي يا غذ
قال العسكري: وأجود ما قيل في طول الليل من الشعر القديم قول امرئ القيس:
وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل
كأن الثريا علقت في مضائها ... بأمراس كتان إلى صم جندل
قال العسكري: هذا من فصيح الكلام وأبدعه شبه الليل بالبحر وترادف ظلماته بالموج واستعار له سدولا وهي الستور وأحدهما سدل لما يحول منه بين البصر وبين أدراك المبصرات وقوله وما الإصباح منك بأمثل معناه
1 / 15
أن صبحك إذا كان فيك راحة كأنه يريد به طلوع الفجر المتقدم بين يدي ضوء النهار وقيل معناه أن ليله كنهاره في البث وأنه لا يجد في النهار راحة كما لا يجدها في الليل فجعل الليل والنهار سواء فيما يكابده من الوجد والحب. قال الشيخ المصنف: كنت وقفت لشاعر بعد امرئ القيس على هذا وفيه زيادة مطبوعة وذهبت عني فنظمت في معناه:
لا أظلم الليل الطويل واشتكي ... منه وما لي في الصباح رجاء
من كان يطمع في الصباح راحة ... ويسره إن لاح منه ضياء
فحواي متصل الظلام بضوئه ... الليل عندي والنهار سواء
وهذا هو معنى بيت امرئ القيس ثم ذكرت البيت الذي كنت أحفظه وهو للطرماح.
ألا أيها الليل الطويل ألا اصبح ... ببم وما الإصباح منك بأروح
ولكن للعينين في الصبح راحة ... بطرحهما لحظيهما كل مطرح
بم اسم مدينة كرمان بباء موحدة تحتها ويروى:
أليلتنا في بم كرمان أصبحي ... بخير وما الإصباح منك بأروح
وهذا معنى امرء القيس واستدرك فقال: على أن للعينين في الصبح راحة فحاء بما لا يشك فيه إلا أن لفظه لا يقع من لفظ امرئ القيس موقعا والتكلف في قوله بطرحهما طرفيهما كل مطرح بين الكراهة فيه ظاهرة ونحوه قول أبي الدمنة:
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني والهم بالليل جامع
وأنشد العسكري لنفسه
وازداو في جنح الظلام صبابة ... ولا صعب إلا وهو بالليل أصعب
إسحاق الموصلي في معنى النابغة
إن في الصبح راحة لمحب ... ومع الليل ناشئات الهموم
1 / 16
هذا مأخوذ من ناشئة الليل وتمني بعض المثقلين بالدين دوام الليل فقال:
ألا ليت النهار يعود ليلا ... فإن الصبح يأتي بالهموم
دواع لا نطيق لها قضاء ... ولا ردا وروعات الغريم
قوله ولا ردا من التتميم الحسن وقول امرئ القيس فيا لك من ليل كأن نجومه إلى آخر الأبيات قالوا إن البيت الأخير مكرر فضل لا معنى له ولا فائدة فيه لأن الثريا في جملة النجوم وقد اكتفى بذكرها في البيت الأول فيا لك من ليل كأن نجومه ولم أجد لأحد من علماء البديع من وجه وجها لامرئ القيس في ذلك قال الشيخ والوجه عندي أن من عادة العرب إذا ذكرت جملة أن يستثنى أشرفها منها ويفرد بالذكر عنها ليدل على شرفه وفضله ومثله في القرآن العزيز (وفيهما فاكهة ونخل ورمان) والنخل والرمان من جملة الفاكهة فلما ذكر امرؤ القيس النجوم استثنى الثريا وأفراها ليدل على شرفها وفضلها
القاضي التنوخي
وليلة كأنها يوم أمل ... ظلامها كالدهر ما فيه خلل
كأنما الإصباح فيها باطل ... أزهقه الله بحق فبطل
ساعاتها أطول من يوم النوى ... وليلة الهجر وساعات العدل
مؤصدة على الورى أبوابها ... كالنار لا يخرج منها من دخل
وهذا مستملح وإن لم يكن مختارا من التشبيه لأن إخراج المحسوس إلى ما ليس بالمحسوس في التشبيه به خفاء.
ابن المعتز
كأن نجوم الليل في حجراتها ... دراهم زيف لم تحرر على النقد
يريد أن نجومه واقفة ليست تسير كأنها دراهم زيف ليست بنقد فتصرف.
1 / 17
ولبعض المحدثين
عهدي بنا ورداء الليل منسدل ... والليل أطوله كاللمح بالبصر
فالآن ليلي إذ بانوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر
قال وهذا أبلغ معنى من قول امرئ القيس إلا أنه لا يدخل في مختار الكلام لابتذال لفظه والمعنى أن ليله ممدود لا انقضاء له كليلة الضرير والدهر كله عند الضرير، ولآخر في معنى قول امرئ القيس:
يا ليل ليلك سرمدا أبدا ... ما في الصباح لعاشق فرج
وأجود ما قيل في وصف الليل:
وليل تعول الناس في ظلمته ... سواء بصيرات العيون وعورها
كأن لنا منه بيوتا حصينة ... موج أعاليها وساج كسورها
هذا أبدع تشبيه في الليل فانه شبه أعلاه بمسح شعر لتكاثف ظلمته وأسفله بسياج وهو الطيلسان الأخضر لما يشوب ما بين يدي الناظر فيه من يسير الضياء وكسور البيت أسافله المرخاة منه، ولآخر:
وليل ذي عياطل من حجون ... رميت بنجمه غرض الأقول
يرد الطرف حندسه كليلا ... ويملأ هوله صدر الدليل
وآخر
وليل فيه تحسب كل نجم ... بدا لك من خصاصه طيلسان
وصف الليل بشدة السواد وكأن النجوم تظهر من خروق طيلسان وشبه سواد الليل بالطيلسان لخضرته وشدة الخضرة راجعة إلى السواد ومنه قوله تعالى مدهامتان من شدة
الخضرة من الثرى والمدهام الأسود ومنه سمى سواد العراق سوادا لنخيله وجنانه وكثرة مائه وذلك أن الماء الكثير البعيد القعر يظهر أسود ولذلك شبه أمرؤ القيس الليل
1 / 18
بالبحر ويقال لليل إذا أسود أخضر قال الراجز يخاطب ناقته: (وعارضي الليل إذا ما أخضرا) وقال الشماخ:
وليل كلون الساج أسود مظلم ... قليل الوغى داج ولون الأرندج
أي قليل الأصوات والأندج الجلود السود التي يقال لها بالفارسية رنده وجمع الساج سيجان ومما يحكى من الاستشهاد على أن الساج الطيلسان أن أبا دلامة كان شاعرا خفيف الروح مقبولا عند خلفاء بني العباس، وكان ماجنا منهمكا على الخمر فحظر عليه الخليفة شربها وأمر الشرطي متى وجده سكرانا أن يخرق طيلسانه ويحبس في بيت الدجاج، فأخذ سكرانا فحبس فلما أصبح كتب إلى الرشيد.
أمير المؤمنين فدتك نفسي ... علام حبستني وخرقت ساجي
أقاد إلى السجون بغير ذنب ... كأني بعض عمال الخراج
ولو معهم حبست لهان ذاكم ... ولكني حبست مع الدجاج
دجاجات يطيف بهن ديك ... تناجي بالصياح إذا يناجي
فضحك منه الرشيد وأطلقه وفي شعر ذي الرمة الزويري:
وليل كأبناء الزويري جبته ... بأربعة والشخص في العين واحد
قال: الزويري الطيلسان وهي الأكيسة الخضر الزويرية قال المصنف: وكذلك أثبت في
كتاب الأنواء لأبي حنيفة الدينوري.
لغز في السنة
أربعة وهي ثلث واحدة ... كثيرة العد وهي ثنتان
دائمة السير لا يدان لها ... تقطع أرضا ولا جناحان
أراد بالأربعة الفصول وهي ثلث واحدة أراد أن الأربعة ثلث السنة وكثيرة العد أراد الأيام وهي ثنتان أي أنها أي أنها في الغالب شتاء وصيف كما قال ﷿ رحلة الشتاء والصيف والبيت الثاني ظاهر لأنها تسير وتتصرم وليس لها عضو تتحرك به.
1 / 19
أبو القاسم الزاهي
الريح تعصف والأغصان تعتنق ... والمزن باكية والزهر مغتبق
كأنما الليل جفن والبروق له ... عين من الشمس تبدو ثم تنطبق
العطوي
ورب ليل باتت عساكره ... تحمل في الجو منه رايات
في كل أفق من السماء له ... كمين جيش من الدجنات
ترد عنه العيون خاشية ... مرتبكات ذوات خيرات
ومن المبالغة في وصف الليل قول عبد العزيز بن خلوف الجروي من أفريقية:
ومن دونها طود من السمر شامخ ... إلى النجم أو بحر من البيض متأق
وأسود لا تبدو به النار حالك ... وبيداء لا يجتازها الريح سملق
قوله لا تبدو به النار من أعجب المبالغة مع اختصار لفظ وجزالة معنى وذكر ابن رشيق في نموذج الشعراء بإفريقية أن عبد العزيز بن خلوف أحد هذا المعنى من محمد بن إبراهيم وذكر له حكاية لطيفة قال: كان محمد بن إبراهيم هذا محبوب فماحكه فيه أسود أسمه خلف فقطعه عنه، فماحكه فيه عبد آخر اسمه فرج فعمل أبياتا مشهورة بالقيروان أولها:
أي الهموم عليه اليوم لم أعج ... وأي باب عن الأحزان لم ألج
تأملوا ما دهاني تبصروا قصصا ... ظلامها ليس يمسي فيه بالسرج
هذا موضع الاستشهاد
ما نالني الخلف إلا وهو من خلف ... وعاقني الضيق إلا وهو من فرج
حتى لقد صار كافور المشيب هوى ... أشهى لنفسي من مسك الصبا الأرج
النابغة الذبياني غي طول الليل
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
تقاعس حتى قلت ليس بمنجل ... وليس الذي يرعى النجوم بآيب
1 / 20
الذي النجوم الصبح استعار له أسم الراعي لكونه يأتي معقبا وراء النجوم.
شاعر
ألا هل على الليل الطويل معين ... إذا نزحت دار وحن حزين
أكابد هذا الليل حتى كأنما ... على نجمه أن لا يغور يمين
آخر
ما لنجوم الليل لا تغرب ... كأنها من خلفها تجذب
رواكد ما غاب في غربها ... ولا بدا من شرقها كوكب
آخر
كأن يهيم الليل أعمى مقيد ... تحير في تيه من الأرض مجهل
كأن الظلام حين أرخى سدوله ... يبيت على ليل بليل موصول
ابن الرقاع
وكأن ليلي حين تغرب شمه ... بسواد آخر مثله موصول
أرعى النجوم إذا تغيب كوكب ... أبصرت آخر كالسراج يجول
أصرم بن حميد
وليل طويل الجانبين قطعته ... على كمد والدمع تجري سواكبه
كواكبه حسرى عليه كأنها ... مقيدة دون المسير كواكبه
وذكر عمر بن شيبة أن الأصل في ذكر الليل الطويل بيت الحرث بن خالد وهو:
تعالوا أعينوني على الليل أنه ... على كل عين لا تنام طويل
ثم تبعه الناس.
بشار بن برد
خليلي ما بال الدجى ليس يبرح ... وما لعمود الصبح لا يتوضح
أضل النهار المستنير طريقه ... أم الدهر ليل كله ليس يبرح
1 / 21