Feminismo y Filosofía de la Ciencia
النسوية وفلسفة العلم
Géneros
103
وما تعمل عليه فلسفة العلم النسوية من تقويض الذكورية التي جسدها بيكون واجتثاث فلول الميكانيكية وقهر الثنائيات ومنها ثنائية الإنسان والطبيعة، والإنصات إلى الطبيعة والانفتاح عليها ... هو الكفيل برأب الصدع وإعادة التصالح مع البيئة.
ولما كان «العلم والرأسمالية التقيا في آليات السيطرة على الطبيعة»،
104
وتمخض عن هذا الاستعمارية، فقد دعت بعض النسويات إلى مواصلة المسير برفض الرأسمالية والاستعمارية، فكلاهما استنزاف للموارد وتشويه للبيئة لا يعرف الرحمة، تعاظم بتطور التكنولوجيا.
وهذا ما تبينه عالمة الفيزياء الهندية فاندانا شيفا (1952م-...) ساهمت في صياغة النسوية البيئية، وأوضحت التماثلات بين اختزالية العلم الغربي وبين التطور الرأسمالي، من حيث إن كلا الطرفين يشتركان في الاستغلال، العلم يستغل الطبيعة ويحيلها إلى طرف سلبي، والرأسمالية تستغل المرأة وتحيلها إلى طرف سلبي. وتعاظم هذا الاستغلال بطرفيه مع ثورة العلوم البيولوجية الراهنة وتكنولوجيات الإنجاب والتكنولوجيا الحيوية. أوضحت فاندانا كيف تغلغلت الإبستمولوجيا الاختزالية في التطور الرأسمالي الذي لا يعنى إلا بالربح والفائدة السريعة، ويبخس قيمة المرأة وقيمة الطبيعة وقيمة شعوب العالم الثالث، ووصم الأطراف الثلاثة معا بالضعف والحاجة إلى التطوير والتقدم. كان المجتمع الأمومي لا يزال يوجد في مواطن شتى من الثقافات البدائية، قضى عليه المد الاستعماري واستبدل به المجتمع البطريركي؛ لأنه الشكل الذي اتخذته الحضارة الغربية الغازية، مثلما قضى على مساحات شاسعة من الغابات الأفريقية بزعم التحديث بالزراعة المميكنة، وفرض أشكالا أخرى من تكنولوجيات غير ملائمة وتنال من التوازن البيئي بغير داع. ومن أجل إنقاذ البيئة ، دافعت عن أنطولوجيا نسوية يترابط فيها المجتمع بالطبيعة، كمقابلة للأنطولوجيا الذكورية الغربية القائمة على الانفصال عن الطبيعة كآخر، فكان ما كان من كوارث استعمارية وبيئية.
105
إذن مربط الفرس حقا هو الرابطة بين السيطرة على النساء والسيطرة على الطبيعة الذي أدى إلى مشكلة البيئة، بحيث إن اقتلاع هذا الجذر - أي اقتلاع مركزية العقل الذكوري - هو تحرير المرأة من حيث هو الحفاظ على البيئة، وهو أيضا تحرير شعوب العالم من نير الاستعمار والإمبريالية. (16) فلسفة للعلم ضد الاستعمارية
ها هنا بيت القصيد، تتجمع كل الخطوط في البؤرة التي ربما كانت المبتدأ، إلا أننا آثرنا جعلها مسك الختام؛ لأنه لا يتسع المجال الآن لنقد وتقويم النسوية وفلسفتها للعلم، تعيين ما لها وما عليها، لكي يمكن توظيف إيجابياتها في خدمة الثقافة العربية وشحذ إمكانياتها المستقبلية، هذه خطوة ضرورية لاحقة بإذن الله.
وعوضا عنها الآن نبرز أن النسوية فلسفة ضد الاستعمار والإمبريالية؛ ويكفينا هذا ما دام تاريخنا العربي الحديث غلب عليه أن يكون تاريخ الغزو والاستعمار والمقاومة، وما دمنا نؤمن بأنه لا الفقر ولا الجهل ولا المرض، بل الاستعمار هو شد ما منيت به البشرية.
Página desconocida